بقلم الكاتب الصحفي
عيسى فراق ـ الجزائر
يعدا لبيت المؤسسة
الأولى في المجتمع، وهو أساس العلاقات الاجتماعية والمخرج الأهم لأفراد أسوياء معتدلين
نفسياً، ولا يستقيم إلاّ بوجود أهم ركيزتين تربويتين الأب والأم، فبدونهما يصبح بلا
روح ولا هوية واضحة، هما الموجهان الأول، وهما من يجتهد بهدف توفير بيئة سوية لأبنائهما،
لكن نجد أحياناً العاطفة تتغلب على الزوجين، فيتناسبان مهمتهما الأولى بالتربية، ليزداد
اختلاف وجهات النظر، الأمر الذي يؤثر على أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى تشويه الصورة
الذهنية لدى الابن أو الابنة عن فكرة الزواج والاستقرار، وقد يؤثر سلباً بخلق أطفال
متشاحنين مضطربين . ظروف ومواقف يعيشها الزوجان تحت سقف واحد، إلاّ أنه لابد من بقائها
محبوسة بين أسوار غرفتهما، وألاّ تتعداهما لتصل إلى الأبناء في مرحلة نموهم وحاجتهم
الماسة للاستقرار والحنان. ويجهل بعض الآباء والأمهات المسؤولية التي تقع على عاتقهما،
مما يجعلهما في دوامة من الصراع والأنانية التي لا تنتهي إلاّ بكارثة نفسية أو معنوية،
الأمر الذي يتطلب إدراكهما ذلك، فمن خلال الأسرة يحيا مجتمع كامل، فإن نجحت أنتجت أفرادا
واعين والعكس صحيح. إن وجود المشاكل الأسرية يؤثر نفسياً على الأبناء من خلال التوتر
والقلق الدائم وعدم الشعور بالطمأنينة، بل وعدم الشعور بالأمان، مما يؤثر عليهم سلوكياً،
فتظهر بعضها كالأحلام المزعجة أو إهمال الدراسة أو الانطواء والعزلة أو العدوانية،
أو تفريغ هذا الغضب على الآخرين عندما يحصل النزاع بين الزوجين فإنه يؤثر على انضباط
الأطفال وعدم اكتراثهم بأوامر الوالدين، وثمة خطر آخر يهدد الأسرة أيضاً ألا وهو انقسامها
إلى معسكرين أو صفين، حيث سيتبنى كل طفل موقفاً معيناً فيكون إمّا بجانب أمه أو أبيه،
وهذا ليس في صالح الطرفين. يؤدي نزاع الوالدين وعدم توافقهما، بل وحتى سلوكهما غير
المتزن وكلامهما غير المنسجم، إلى تمهيد الأجواء لأن يسلك الطفل سلوكاً اجتماعياً منحرفاً،
فيلجأ إلى الجريمة مثلاً!، فالحجم الذي يؤججه بعض الآباء لأولادهم في الأسرة يكون سبباً
للعديد من حالات الاضطراب التي تؤثر بشدة على حياة الأفراد الحالية والمستقبلية، ولدينا
نماذج كثيرة لجأ فيها الأولاد إلى الفساد والانحراف والإجرام.
.