بقلم عثمان زويرش
من مدينة ووهان
الصينية إلى كل بقعة في المعمور، استقبل الناس فايروس كورونا بداية بالهزء في استصغار
لإمكانيات هذا الفايروس واعتبروا كل التحذيرات
الداعية إلى ضرورة أخذ كامل الاحتياطات الوقائية من غسل اليدين عدة مرات باليوم
باعتماد معقمات مع تفادي ملامسة العينين والأنف والفم، وتجنب المصافحات المتعددة خاصة
المصافحات بالوجه وكذا تجنب التجمعات البشرية وتفادي ملامسة مقابض البوابات وأزرار
المصاعد... مجرد دعوات سخيفة.
تحذيرات أطلقتها
منظمة الصحة العالمية وكذا السلطات الحكومية المختصة عبر العالم، اعتبرها البعض هوسا مبالغا فيه!! هزء سرعان ما قل واندثر تدريجيا مع التطورات التي شهدتها الحالة
الوبائية بالمغرب ودول أخرى خاصة مع تشديد إجراءات السفر بين البلدان وإغلاق الحدود
وتوقيف حركية الطائرات مع تقييد حريات التنقل
داخليا عبر إعلان حالة الطوارئ الصحية
"لإجبار" الناس على البقاء ببيوتهم في محاولة لوقف /(على الأقل تبطيئ) انتشار
الفايروس – وهو التقييد الذي لم يلاق رفضا ولا اعتراضا فاكتسب شرعيته انطلاقا من الحاجة
إليه للحد من اتساع رقعة انتشار الوباء كإجراء مؤقت-...
إجراءات جعلت الناس
تستشعر الخطر الذي يتهددها جراء تفشي هذا
"العدو الخفي" وأنها بصدد معركة وجودية ضروس أمام "كوفيد 19" الذي
احتل كل البقاع فأضحى العدو الموحِّد لكل البشر - الشيء الذي يبدو رائعا !!- جراء هذه
الأزمة العالمية التي اعتبرها بعض المؤرخين الأكبر بالنسبة لجيلنا.
الآن، وقد حظي
كوفيد19 ب"الاعتراف" الواسع على الرغم من تباين التفسيرات والتأويلات. فهناك
من وضعوه في سياق حرب بيولوجية عالمية في سياق تشكيل عالم جديد؟؟؟ ومن اعتبره عقابا
مسلطا على رقاب الكافرين، سرعان ما اعتبروه ابتلاء بعدما عمر البلدان الإسلامية؟؟؟ ومن اعتبروه كائنا حيا طبيعيا خضع لسيرورة طفرات
بيولوجية عدلت من جيناته فغيرت من بنياته من منطق التكاثر والارتقاء والتطور، وهناك
من حاولوا إنكار وجود الفايروس من الأصل واعتبروا الأمر مجرد بروبغندا إعلامية سرعان
ما اندثر أصحاب هذا الطرح من اتساع رقعة انتشار الفايروس... هذه التعبيرات حاولت تفسير
ظهور كوفيد19 انطلاقا من مرجعية مشخصنة تؤطره لكنها على الأقل مع تطور انتشار الفايروس
أجمع الكل على كونه يشكل خطورة كبيرة وبالتالي وجب الإسراع في إيجاد استراتيجية وقائية
لاحتوائه (العزل الصحي، منع السفر وتقييد الحركة ورش مواد معقمة في الأماكن العمومية
ووسائل النقل العمومية، قطع حركية السفر بين المدن،....بالاضافة إلى إطلاق حملات توعوية
منظمة لتحسيس الناس وتوعيتهم بمدى دقة الوضع)، وذلك في غياب علاج نهائي لهذا الوباء
المستجد الذي بات يؤرق بال السياسيين والاقتصاديين والسلطات الصحية عبر العالم. بات
الجميع متتبعا لجميع المستجدات المرتبطة بفايروس
كوفيد19 المستجد...
!!كوفيد19: وجب
قول الحقيقة
عموما، بات كوفيد19
تهديدا وجوديا ومباشرا على مستقبل البشرية ولا يشمل تهديده/تأثيره الوضع الصحي فقط،
بل يمتد ليشمل البنى الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية. هذا الوضع الذي سيكون له ما بعده وفق مؤرخين حيث كتب يوفال نوح هراري
"نعم، ستمر العاصفة، ستبقى البشرية على قيد الحياة، سيظل معظمنا على قيد الحياة.
لكننا سنعيش في عالم مختلف" ليردف بالقول
"ستصبح العديد من تدابير الطوارئ قصيرة المدى ثابتا من الحياة،..، وتصبح التكنولوجيا
غير المكتملة وحتى الخطيرة في طور الخدمة، لأن مخاطر عدم القيام بأي شيء تكون أكبر".
لذا بات من الواجب على أصحاب القرار قول الحقيقة...
ومن أجل الحد من
استمرار اتساع رقعة انتشار فايروس كوفيد19 وإيقاف تطور الوباء في أقصر وقت ممكن بات
لزاما على الناس الالتزام بخطط السلطات الصحية الوصية بالامتثال لتوجيهاتهم والعمل
بالإجراءات الصحية الاحترازية والوقائية وبشكل
رئيسي الحجر الصحي الطوعي والالتزام بقواعد النظافة ويبقى الوضع مقلقاخطيرا حتى إشعار
آخر!!