adsense

/www.alqalamlhor.com

2019/12/13 - 2:09 م

بقلم أسامة أوفريد
الانتخابات موضوع شائك من الصعب خوض مغامرة الكتابة حوله، خاصة في بلد مثل المغرب. ويزداد الموضوع صعوبة إذا انطلقت بصفتك يساريًا في خط كلمات حوله. فاليساري لطالما ارتبط في السياق التاريخي المغربي بمقاطعة الانتخابات. لكن بمجرد محاولتك الدخول في النضال المؤسساتي سيتهمك كل من هو محسوب على الصف الديمقراطي التقدمي بكونك دخلت في لعبة المخزن، وأنك أصبحت جزءا من اللعبة السياسية إلى آخره من الاتهامات التي يمكن أن توصف بها.
لكن قررت أن أخوض غمار مغامرة الكتابة حول هذا الموضوع، رغم صعوبته وما يمكن أن يجلبه من انتقادات أتمناها أن تكون بناءة لنساهم جميعا في بناء تصور حقيقي حول النضال المؤسساتي، هي محاولة مني وانطلاقا من فهمي وتحليلي للواقع الذي يحاصرني. كما يمكن لهاته القراءة أن تصيب أو تخطئ. لكن لابد من اقتحام هذا العالم الذي لطالما حاول الصف الديمقراطي التقدمي تفادي النقاش حوله وكأنه بعبع إذا ما دخله المناضل وحاول تحليله وإعطاء وجهة نظره حوله سيفقد عذريته السياسية، وصفاءه الروحاني، وما يميزه عن باقي الفاعلين السياسيين.
الانتخابات هي تجربة تبين بالملموس حجم أي حزب سياسي، وتبرهن بشكل واضح عن تأثيره وقدرته على تعبئة المواطنات والمواطنين حول مشروعه المجتمعي الذي يطرحه، وتجعله يلمس مدى تأثيره على الجماهير التي يتبناها في خطابه، هي مرآة تعكس صورة كل حزب. وهذا لا ينفي طبعا أنها صورة لا تعكس الحقيقة بشكل كلي لأن وزارة الداخلية مثل تلك الشمس التي تلقي بأشعتها على زجاج المرآة وتشوش عليها فتظهر لنا الصورة بشكل غير واضح، وهذا نضالنا من أجل جعلها حرة ونزيهة. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال المشاركة فيها ومعرفتها بشكل دقيق من خلال التجربة العملية، لا من خلال ترديدنا الشعارات التي لن تجعلنا نقوم بتحليل سوسيولوجي حقيقي لما تعيشه الساحة السياسية بوطننا الجريح.
نختار المشاركة لأننا نريد أن نفهم بشكل أدق مجتمعنا المغربي، ولأنها لحظة حقيقية لتقييم عملنا وتراكماتنا على مدة خمس سنوات، لأننا بحاجة لتواجدنا داخل المؤسسات من أجل إرجاع القيمة لهاته المؤسسات وقيامنا بداخلها بالدور الحقيقي الذي يجب أن يؤديه أي منتخب وهو إيصال معاناة ومشاكل المواطنات والمواطنين، والبحث عن حلول عملية تجيب عن إشكالات يعيشها المواطن البسيط، وأن تكون باختصار صوت الشعب داخل المؤسسات، لأنه لا يمكن أن تكون ديمقراطيا بدون اختبار حقيقي من داخل المؤسسات، ذلك أن النضال الديمقراطي من داخل المؤسسات لا يقل أهمية عن النضال خارجها.
أعلم أن فئات كبيرة أصبحت فاقدة للثقة في كل مؤسسات الدولة، لكن هذا لا ينفي وجود بصيص أمل دائما، لذلك لا يجب ترك المكان فارغا واللجوء إلى إلقاء اللوم على الكل وعدم القيام ولو بخطوة بسيطة نحو محاولة خلق جو سليم يكون فيه العمل السياسي جادا. وأول هاته الخطوات هو التسجيل في اللوائح الانتخابية التي تستمر إلى 31 دجنبر، ثانيها محاولة تطوير الذات والمشاركة الفاعلة في المجال السياسي، ثالثها الانخراط في الأحزاب السياسية الجادة والمنحازة إلى هموم المواطنين، رابعها دراسة التاريخ بشكل دقيق لمعرفة البرلمانيين الحقيقيين الذين ساهموا في تخليق العمل السياسي. والتاريخ لحدود اليوم لن ينسى المقاوم محمد بنسعيد آيت إيدر و فضحه لمعتقل تزمامارت وقضية المعتقلين السياسيين بالبرلمان وهو الذي كان نائبا برلمانيا عن منظمة العمل الديمقراطي الشعبي أحد مكونات الحزب الاشتراكي الموحد حاليا، والتاريخ لن ينسى مواقف البرلمانيين عن فيدرالية اليسار الديمقراطي في كل القضايا التي تهم المواطنين.
من يظن أن المؤسسات لا دور لها فهو لازال لم يستوعب العمل السياسي ولا اللعبة السياسية، فالطبيعة كما يقال تخشى الفراغ، وفراغنا هو عدم ترشحنا وذهابنا للتصويت يجعل اللعبة السياسية أكثر سهولة في أن يتم التحكم فيها بشكل أكثر. يجب علينا اليوم كمواطنات ومواطنين أن ننخرط بشكل قوي في قطع الطريق على كل الفاسدين الذين جعلوا المؤسسات مجرد مسرح للنوم ولتمرير القوانين التي أرهقت كاهل المواطن البسيط، نحن في مرحلة نتمنى أن يكون المغربي في لحظتها وهي تجاوزه للمنطق التقليدي في التصويت ودخوله إلى مرحلة جديدة تقوم على التمييز بين البرامج الانتخابية ودراسته لها بشكل علمي تجعله قادرا على معرفة من التي هي منطقية ومن التي تقوم على شعارات بعيدة عن الواقع. وفي الختام أقول لكم لازال هناك أمل يلوح في الأفق معه سيكون مغرب آخر ممكن هو مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساواة الفعلية...