بقلم عبد الحي الرايس
ناقوسُ الخطر يَدُقُّهُ
المنتظمُ الدولي في اليوم العالمي للبيئة (5 يونيو) مُنبِّهاً إلى تفاقم مخاطر تلوث
الهواء، وما ينجُم عنه من اختناقاتٍ وتسمُّمات، ووفياتٍ مُبكرةٍ قبل الأوان.
في مَنْشإ الكون
كانت الانفجاراتُ البركانية، والعواصفُ الرملية والترابية من مصادر تلوث الهواء، وكانت
الغاباتُ والواحاتُ تتكفل بتصفية الهواء، والحفاظ على التوازنات.
ولكن الإنسان أبى
إلا أن يجثم على صدر الكون بأعداده المتزايدة، ومُخلّفاته المتعددة من الاستعمالات
المنزلية، والانبعاثات الناجمة عن المحروقات من الطاقة الأحفورية في المصانع والحقول،
وعلى الطرقات، فضجَّ الكون بالاختناق، وصارت الكائناتُ مُهددةً بالانقراض، والحياةُ
على الأرض مُؤْذِنَةً بانتهاء.
شعارُ اليوم العالمي
للبيئة لسنة 2019 "دَحْرُ تلوث الهواء" لن يظلَّ صيحةً في واد، إذا كان التداعي
للترشيد، والتنادي للحد من مصادر التلويث:
ـ طاقةٌ نظيفةٌ
متجددة شمسيةٌ وريحيةٌ ومائية تَحُلُّ محلَّ أُحْفُوريةٍ مُلوِّثةٍ نفطيةٍ وغازيةٍ
وفحْمية : تَوَجُّهٌ تتنادى له الحكومات، وينبغي أن يتنافس فيه الأفراد، وتسعى إليه
المؤسسات .
ـ اقتصادٌ في الاقتناء
والاستهلاك يَحُدُّ من الْمُخلَّفات، وبالتالي من سَلْبِيِّ الانعكاسات، تَمَثُّلاً
واستنارةً بقوله تعالى:" والذين إذا أنفقوا لم يُسْرفوا ولم يَقْتُرُوا وكان بين
ذلك قَوَاما"
ولو أن كلاًّ يشتري
ويستهلك على قدر حاجته، لتضاءلتِ المخلفات، وتراجعتْ نسبةُ المحمولات إلى المطارح،
وخَفَّتْ مخاطرُ الانبعاثات.
ـ التزامُ الوحدات
المُنتجة بتدوير مُخلفاتها قبل التخلص منها، وإلزامُها بذلك، كفيلٌ بالحد من الانبعاثات
والضارِّ من المخلَّفات
ـ التزامُ الأفراد
بالتقليل من البقايا، وفرزها عند إيداعها في مَظانها قمةُ الوعي ومُنتهى الطلب، لو
يَعُمًّ مواطني الْمِصْرِ وسكانَ الأرضِ لانتعشتِ الآمالُ في تراجع نسبة تلوث الهواء،
والحد من الاختناقات والوفيات قبل الأوان.
ـ ثمة مبادرات
قطعت أشواطاً بعيدة في الفرز والتثمين يتعينُ اتخاذها نموذجاً ومرجعية
وأخرى انطلقت،
محليةً، قُطريةً، ودولية، يدعمها التشريع والتحفيز، يُرجَى لها التعميمُ والتسريع.
ونَخْلُصُ إلى
أن الإنسانَ ـ بتهافته وجشعه ـ مُسْهِمٌ في تدمير نفسه، وتلويثِ بِيئته، ولو أنه في
الآن ذاته ـ بِوَعْيه وتبصُّره وإرادتِه ـ قادرٌ على أن يَحُدَّ من النزيف، ويُوقفَ
العجلة الْمُتسارِعَة نحو مزيد من التلويث والتدمير.