ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺩﻱ ﺗﺎﻧﺴﻴﻔﺖ
ﻳﺘﻜﻠﻢ، ﻟﺼﺎﺡ ﺻﻴﺤﺔ ﺍﺭﺗﻌﺪﺕ ﻟﻬﺎ ﻛﻞ ﺗﻀﺎﺭﻳﺲ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺍﻫﺘﺰﺕ ﻟﻬﺎ ﻛﻞ ﺃﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻭﺩﻳﺎﻧﻪ،
ﻭﻟﻬﺐَّ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺷﺮﻳﻒ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﺻﻘﺎﻉ ﺍﻷﺭﺽ
ﻟﻨﺠﺪﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺯﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺟﺪﺍ ﻧﻬﺮﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻳﻨﺸﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎﺗﻪ ﻭﻫﻮ
ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻗﺎﺻﺪﺍ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻷﻃﻠﻨﺘﻲ، ﻟﻴﺮﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺑﻌﻪ ﺑﺎﻷﻃﻠﺲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ
ﺍﻟﺸﺎﻣﺦ .
ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻘﻲ ﺳﻬﻮﻝ
ﺍﻟﺤﻮﺯ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ، ﻭﻳﻐﺬﻱ ﻓﺮﺷﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺿﻔﺘﻪ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺑﻨﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻮﻥ ﻣﺪﻳﻨﺔ
ﻣﺮﺍﻛﺶ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ، ﻭﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎﺗﻪ ﺯﺭﻉ ﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻮﻥ ﺣﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺨﻴﻞ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺪ ﺍﻟﺒﺼﺮ.
ويعتبر ﻭﺍﺩﻱ ﺗﺎﻧﺴﻴﻔﺖ
ﻭﺭﻭﺍﻓﺪﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﺤﻮﺽ ﺍﻟﻤﺎﺋﻲ ﻟﻠﺠﻬﺔ، ﺷﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻭﺍﻫﺐ ﺍﻹﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ،
ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺟﻮﻫﺮﺓ ﺍﻟشياضمة الشمالية ﻭﻫﺒﺘﻬﺎ؛ ﻟﻜﻦ ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﻧﺤﻤﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ، ﻭﻧﺮﺩ
ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻫﺒﻨﺎ، ﻧﻘﻮﻡ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺑﺘﺪﻣﻴﺮﻩ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻤﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻣﻤﻨﻬﺞ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻨﻬﺮ
ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺐ آﺧﺮ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺗﺘﻜﻔﻞ
ﺑﻪ ﻣﻘﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻌﺎﺭ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺮﻳﻊ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻘﺎﻟﻊ ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ ﻭﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﻃأﺖ ﻣﻊ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔبالمخاليف ﺟﻤﺎﻋﺔ وسدي لعروسي، ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺘﻔﻌﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺳﺮﺓ ﻓﻲ ﺧﺮﻕ ﺳﺎﻓﺮ
ﻟﻜﻞ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ.
ﻭﻳﻜﻔﻲ ﻛﺪﻟﻴﻞ ﺩﺍﻣﻎ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﺩﻱ ﺗﺎﻧﺴﻴﻔﺖ، ﺣﻴﺚ ﻏﻴﺮ ﺟﺸﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﻊ
ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺿﻴﻖ ﺍﻟﺨﻨﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﻣﻮﺍﺷﻴﻬﻢ ﻭﺫﻭﺍﺑﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﻫﻴﺐ، ﻳﺘﻨﺎﻓﻰ
ﻣﻊ ﺃﺑﺴﻂ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ.
ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺗﻘﻮﻡ
ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﺗﻘﻌﺪ، ﻷﺑﺴﻂ ﺍﻟﺨﺮﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺮﻡ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻬﺎ،
ﺑﻴﻨﻤﺎ نحن ﻧﺪﻣﺮ ﻧﻬﺮﺍ ﻭ ﻭﺍﺩﻳﺎ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺩﻭﻥ ﺣﺴﻴﺐ ﻭﻻ ﺭﻗﻴﺐ، ﻭﺍﺩﻱ ﻛﻮﻧﺘﻪ عناصر ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ
ﺧﻼﻝ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻧﻘﻮﻡ ﻧﺤﻦ ﺑﺘﺪﻣﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻴﻦ ﻷﻧﻪ ﻳﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺸﺄﻥ
ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺪﺍﺧﻴﻞ ﺍﻹﺿﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻡ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺮﻕ ﻣﻨﺎ ﻭﺍﺩﻱ.
عبد الحكيم الزوين