بقلم الأستاذ حميد
طولست
عشية عيد العمال
، حملت القلم لأكتب ، كعادتي كل سنة ، عن هذه المناسبة العالمية ، فلم أجد في جعبتي
ما أقوله عنها ، تاريخيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ، أكثر مما استهلكت وكررت كببغاء
غبي حول ما سابق من الأعياد ، رغم ما تزاحم بذاكرتي من حكايات أيام النضال النقابي
الجميلة وأحداثه المتخمة بصور وسير النقابيين الشرفاء ، وحتى لا يقال أني متنكر لنضالات
الذين كتبوا تاريخ العمل النقابي بدمائهم ، وحفروه على جبين الزمان بأظافرهم ، قررت
التوجه إلى عمال بلادي ومن خلالهم إلى كل شغيلة العالم ، بخالص التهاني والمتمنيات
بالعيش الكريم المعطر برائحة الحرية والديمقراطية ومبدأ المساوه والعدالة الاجتماعية
المحصنة من عصبية نقابات الأحزاب المسعورة بركوب أكتاف الطبقات المسحوقة ، والمركزيات
المسكونة بالتآمر على الديمقراطية التى يأمل تحقيقها الكادحون ذوي القلوب المتوجعة
.
وأدعوا الله من
كل قلبي أن يقي الكادحين ، من اقتتال الذين تخلوا عن المعاني السامية والجليلة وذات
الحمولة العميقة للنضال ، من قبيل "الشرف" و"المبادئ" و"القناعات"
والذين لا هم لهم غير تمكين الأهل والجماعة والعشيرة للسيطرة على مقاليد أمور العمال،
لغايات في نفوس "اليعاقبة" -ج يعقوب إن صح التعبير- الذين فوتوا على العمال
المساكين الكثير من فرص الترقي والازدهار ، بتركيزهم على المطالب الجزئية، التي حولت
الكثير من النقابات الى مؤسسات بيروقراطية يقتصر عملها على فض نزاعات العمل ، في غياب
تام لعمل النقابي الديموقراطي الذي يتيح المجال لجميع العمال وشركهم في القرارات والهياكل
النقابية بما يسمح بانتاج إطارات وعمل نقابي بديل ومبتكر ، همه الوحيد والأوحد ، سلامة
العمال وأمنهم وتحسين ظروف عملهم وأجرهم وكل
ما يتعلق بعيشهم وكرامتهم، والذي يجب ألا يتخلف القادة عن طرحه على طاولة المسؤولين
وأصحاب القرار لبحثه ومناقشته واستنتاج النتائج ، بعيد عن الأنماط النقابية التقليدية
التي يكتفى فيها المسؤولون بتهنئة العمال عبر وسائل الاعلام بيومهم العالمي فقط.
وأخيرا كل عام
وأنتم يا عمال بلادي والعالم ، أقوياء ، أقوياء بقناعاتكم الوطنية الراسخة ، أقوياء
بحبكم الدائم الحضور لوطنكم ، أقوياء بأمانتكم وإيمانكم التاريخي المحصن ، الذي وردت
فيه رواية "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف" ، لأن ضعف المظلوم يقوي الظالم
على ظلمه ، وبالتالي والبديهي أن من لا يسعى لأن يكون قويا ، فإنه قد يشارك في وقوع
الظلم عليه ، كما يشير إلى ذلك قوله سبحانه وتعالى في سورة يونس:" ربنا لا تجعلنا
فتنة للقوم الظالمين"آية 85 ..