بقلم عبد الحي الرايس
والعشق مراتب، وأسمى المراتب ما كان عِشْقاً لقضايا وقيَم،
ففي سبيلها يُسترخص الوقت والجهد والمال وتُتَسَنَّمُ القِمَم
سألوا هَاوِيَ سينما هادفة إلقاءَ كلمةِ افتتاحِ مهرجانٍ
كبير غاب عنه الدعم، فاعتلى المنصة واختزل الخطاب في ثلاث كلمات : مَنْ يَعْشقْ يُنفق،
، ثم أسقط دمعة وانسحب
والناسُ معادن، مثلما أن العشقَ مراتب
منهم من يستبد به الهوى فيُنفقُ كُلَّ مَالِهِ في سبيل من
يَهْوَى
ومنهم من يهْوَى المواقع فيسعى لاعتلاء المناصب التماساً
للمغانِم
ومنهم من يَهيمُ بالثروات، فيُفنِي العُمرَ في جمعها إلى
أن تحين لحظةٌ يُدركُ معها أن موعده مع الخيْر فات.
ومنهم من يعشقُ الأوطان، وقِيَمَ الخيْر والجمال، فهؤلاء
بالمواقف يَهيمُون، وفي كثير من المواقع يزْهدون، بِكل المتاعب يستهينون، وكُلَّ ما
لديهم يَبذلون، شعارُهُم الْمُتجدد " لن تنالُوا الْبِرَّ حتى تُنفقوا مما تحبُّون"
وفي الأثر "من عرف ما قصد، هان عليه ما وجد"
جَرِّبْ مَرَّةً لحظةَ إيثار، ومُتعةَ إنفاق، ستنْتَشِي بذلك،
وتدأبُ على ذلك،وصدق عزَّ من قائل"ويُوثرُون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"
فالْعشْقُ هُيَامٌ وبَذْلٌ وإنفاق، وخيْرُ الإنْفاق ما أسْهمَ
في تبْديدِ الأحزان، والارتقاءِ بالأوطان، وجلْبِ النَّفْعِ والسعادةِ لِبَنِي الإنْسان.
وطوبَى لمن استبدَّ به عشقُ الْمكارم، فاستهانَ بالمغارم،
وأفنى الْعُمْرَ في عِشْقِ القيم، وأنفق مالَهُ التماساً لرضى الله وتخليدِ الْأثَر.