بقلم عبد الحي الرايس
الحياةُ مَلْأَى بلحظاتِ الإحباط، والكثيرون ينهارون أمام
تحدياتِهَا ويُهزَمُون، يَأْرَقون ويقلقون وقليلون مَن ينتفضونَ ولا
يسْتسلمون.
أولئك الذين يُوَسِّعُون مجالَ الرؤية، ويستخلصون من المحنةِ
حكمةً وعِبرة ، فيدأبون على اعتلاءِ الأزمات، ولا يتخاذلون أمام النكسات.
يعتبرون الحياةَ مدرسة، ويُصِرُّون على التعلم والنجاح، يُعْمِلُون
الفكر ويلتمسون لكل مشكلٍ حلاًّ بِتَعداد المحاولات تلكم هي الحياة، ميدانُ
تنافسٍ وحلبةُ سباق
ذَوُو النظرة الضيقة أمام كل أزمةٍ يتجمَّدون ، يندُبون الحظ
وينتكسون.
ومَنْ أُلْهِمُوا توسيع النظرة تطلعوا باستخفافٍ إلى الأزمة
، وقالوا: حتى هذه ستمضي، فقبلها كانت أزمات، ولكن الطَّرْقَ يَفُلُّ الحديد، والعزمَ
ياتي بالنصر الأكيد ومن أصرَّ على النهوض من كَبْوة، تمرَّس بالتحدي، وحقق الصحوة
ولله دَرُّ المتنبى حين أنشد:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتاتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارُها
وتصغر في عين العظيم
العظائمُ
يصدق هذا في حق الأفراد، مثلما ينطبق على الأمم والجماعات فمحدودو الرؤية قصيرو النظر
يندبون حظهم، ويجترون أخطاءهم، ولا يستفيدون من عثراتهم، ولا من تجارب غيرهم.
والسابقون السابقون أولئك الذين هُدُوا إلى التأمل والتملِّي،
والتمعُّن والتحري، وعقدوا العزم على تجاوز الذات، وشق طريق النجاح في المفازات.
ضَيِّقِ النظرةَ تُصعِّدِ الزفرات، وتُعددِ العثرات ووسِّع النظرةَ تتخطَّ
الأزمات، تَطْوِ المسافات، وتُلاحق الانتصارات، لن تعتلَّ يوماً، ولن تستكين إلى إحباطات...