مع اختتام المائدة
المستديرة الثانية التي تم تنظيمها في ضواحي جنيف، بدعوة من المبعوث الشخصي للأمين
العام للأمم المتحدة، هورست كولر، تتجدد قناعة المغرب بمصداقية خياره الديمقراطي لتوجيه
الأطراف نحو حل سياسي نهائي للنزاع المصطنع حول الصحراء المغربية.
إن المغرب، الذي
شارك في المائدة المستديرة الثانية بنفس الروح البناءة، يعتبر أنها نفس معايير الحل
السياسي كما أوضحها مجلس الأمن، ولا سيما في قراره الأخير رقم 2440، هي التي تشكل أساس
أي تسوية لهذه القضية ولا شيء غيرها.
إذا كانت دقة هذه
المعايير تستبعد بشكل قاطع أي نقاش حول « الاستقلال » أو « الاستفتاء » وتعيد تأطير
أي قراءة منحازة أو انتقائية لمبدأ تقرير المصير، فهي تعزز موقف المغرب وخياراته التي
تم وضعها والتعبير عنها بحرية وبشكل ديمقراطي من خلال اقتراحه الخاص بالحكم الذاتي
الموسع، والذي يشكل بحق الحل السياسي بما يتماشى مع المعايير التي حددها مجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة: البراغماتية والواقعية والديمومة وحس التوافق.
بالإضافة إلى الإجماع
الذي يحظى به على المستوى الوطني، خاصة لدى الساكنة الصحراوية في الاقاليم الجنوبية
للمملكة، حيث يسمح لها بتدبير شؤونها المحلية بشكل أفضل، يتمتع مقترح الحكم الذاتي
الواسع بدعم من المنتظم الدولي، الذي يعتبره الحل الوحيد لإعادة توحيد المغرب الكبير
حول مشروع الاندماج الاقتصادي والسياسي. كما أنه الحل الوحيد الذي يستجيب لمعايير الأمم
المتحدة المتمثلة في البراغماتية والواقعية والديمومة والتوافق.
لقد عبر المغرب
عن حسن نيته، والتزامه وتصميمه ، ويأتي الدور الان على الاطراف الأخرى للانخراط في
هذه الديناميات والاسهام بإخلاص وبحسن نية في المناقشات حول الحل السياسي.
وفي هذا السياق،
شكلت المائدة المستديرة في جنيف محطة إيجابية بشكل خاص وكانت فرصة لدعوة الجزائر و
« البوليساريو » للتخلي نهائيا عن مرجعياتهم الجامدة والمتجاوزة، وبالتالي العمل بجد
لإيجاد الحل.
وفي مؤتمر صحفي
في نهاية المائدة المستديرة الثانية، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر
بوريطة الذي ترأس الوفد المغربي « أي حل خارج السيادة المغربية على صحرائه مستبعد
».
وأوضح أن هذه المائدة
المستديرة كانت لها ميزة تفكيك بعض الاساطير مثل « الحق في تقرير المصير » أو « الاستفتاء
» أو « الاستقلال ».
نقطة أخرى قوية
للمشاركة المغربية وهي المساهمة الفعالة في جميع النقاشات لأبناء الصحراء المتحدرين
من الأقاليم الجنوبية للمملكة والذين يتمتعون بالشرعية الانتخابية والاجتماعية وبمصداقية
كبيرة تجعل منهم الممثلين الحقيقيين للساكنة الصحراوية.
وجاءت مشاركتهم
كقيمة مضافة عالية لأنها كرست وضعهم كمتحدثين شرعيين باسم الساكنة الصحراوية التي تدير
شؤونها اليوم بكل ديموقراطية في إطار الجهوية والتي ستتولى زمام السلطة المحلية غدا
في إطار الحكم الذاتي الموسع.
وكان سيدي حمدي
ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة وادي الذهب
وفاطمة العدلي الفاعلة الجمعوية وعضو المجلس البلدي لمدينة السمارة أفضل شهود على الطفرة
التنموية التي تعيشها الأقاليم الجنوبية للمملكة وكذا على المشاركة الفعالة للساكنة
الصحراوية في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في مناطقها.
وفي أعقاب هذا
اللقاء أعرب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية هورست كولر
عن عزمه تنظيم مائدة مستديرة ثالثة بنفس الصيغة.
وأكد الوفد المغربي
الذي قبل دعوة السيد كولر على انخراطه التام في هذا المسلسل الذي تقوده الأمم المتحدة
شريطة أن تنتهز الأطراف الأخرى هذه الفرصة وأن تتوفر كل الشروط لجعل هذه المائدة المستديرة
ليست مجرد غاية في حد ذاتها وإنما فرصة حقيقية لتهيئة الأرضية نحو حل نهائي لهذا النزاع
الإقليمي الذي طال أكثر من اللازم.
وعبر السيد كولر
في إحاطة للصحافة عن « ثقته » مؤكدا على أن « الجهود الحقيقية لا تزال ضرورية من أجل
تحقيق التقدم » كما شجع الأطراف « على استكشاف وبحسن نية مسارات وإجراءات وتدابير ملموسة
تتجاوز المائدة المستديرة ».
وحذر من أن « عواقب
هذا النزاع من حيث المعاناة الإنسانية وانعدام الآفاق للشباب والمخاطر الأمنية ،تظل
مرتفعة للغاية ولا يمكن قبولها ».
وخلص إلى القول
« يجب ألا نتخلى عن بحثنا عن حل » لهذا النزاع
مؤكدا امتنانه للوفود لموافقتها على مواصلة هذا المسلسل والاجتماع من جديد بنفس الصيغة.