بقلم عبد الحي الرايس
يُجَدْوِلُونَها، يتنادَوْنَ للحديثِ عنها، والتنظيرِ لها
، والتذكيرِ بها.
وتظلُّ القيمُ درُوساً تُمْلَى، وحكايا تُرْوَى، وكأنها طيْفُ
ذكرى:
* أمٌّ تَحُثُّ ابنتها على مَزْج ماءٍ بلبَن مُتعللةً بغياب
الخليفةِ الرقيبِ عمر، فتتأبَّى عليها صغيرتُها مُرَدِّدَةً: ولكن الله يرانا
* رجلٌ يُدْعَى للقضاء فيتهيَّبُه ولا يجْرُؤُ عليه
* وريثتان تَهَبَانِ ثرْوتَهما لبناء جامعيْن يظلان ماثليْن،
وعلى قيمة البذل والعطاء شاهديْن.
وكأنِّي بِمُعَقِّبٍ يقول:
ذاك زمنٌ ولَّى، وعَهْدٌ قد مضى
غير أن القيمَ لا تنْدثر ولا تبْلى، فلها في كل مِصْرٍ وعَصْرٍ
تجلياتٌ تُرَى، وشواهدُ تُتَمَلّى:
* امرأة في عصرنا ومِصْرنا ترصدُ ثروةً لدعم المحتاجين، وبناء
معاهدَ للتعليم
* مسؤولٌ يبكي لحال بلده في الستينيات ، ويرقى به إلى أعلى
المراتب في التسعينيات
* أطفالٌ يعثرون على مالٍ ضائع، فيبحثون له عن صاحب
* زوجان يَدْلفان إلى السن الثالث، فيُمْسكان ويتمسكان ببعضهما
في شغفٍ ووفاء.
* وغيرُ ذلك كثير: في مِصْرنا، وخارجَ ديارنا، أفرادٌ وجماعات،
متدينون وغيرُ متدينين، يعشقون القيم، ويعيشون بها ولها، لا تسْتهويهم المكاسب، ولا
تصرفهم عنها لوْمةُ لائم .
القيمُ جوْهرٌ إنساني ، تسْمو به النفوس، فتنضجُ العقول،
وتُلْهِمُ أنبلَ المواقف، وأمْثلَ السلوك.
جميلٌ أن تُلقَّنَ في المدارس ، ويتمَّ التذكيرُ بها على
المنابر والأجملُ والأرقى والأمثل أن تُعاشَ في الأسواق، وتُعايَنَ
لدى الأعيان، وتسُودَ بين الناس، ويأخذَها الصغيرُ عن الكبير بالتأثر والاقتداء، قبل
التنظيرِ والإرشاد.