أكد صندوق النقد
الدولي أن زيادة الاندماج داخل المنطقة المغاربية كفيل بتخفيف التأثير المحتمل لاحتدام
التوترات التجارية على الصعيد العالمي.
وشددت المؤسسة
المالية العالمية، في دراسة نشرتها مؤخرا تحت عنوان "الاندماج الاقتصادي في المغرب
العربي، مصدر للنمو لم يستغل بعد"، على انه إذا كانت الحمائية ستزداد في الأسواق
التقليدية، فإن البلدان المغاربية يمكن أن تحد جزئيا من الآثار السلبية على صادراتها
ونموها من خلال زيادة مبادلاتها التجارية البينية، والتي من شأنها تمكينها من الحفاظ
على الانعكاسات الإيجابية للانتعاش الاقتصادي العالمي الأخير على اقتصاداتها.
كما تناولت الدراسة،
التي أعدها فريق من خبراء صندوق النقد الدولي بقيادة أليكسي كيرييف، مصدر النمو غير
المستغل الذي يمثله الاندماج الاقتصادي المغاربي والدور الذي يمكن أن يلعبه في هذا
الصدد.
وأظهرت الدراسة
أن اندماجا اقتصاديا إقليميا وعالميا أكبر من شأنه أن يخلق دينامية إيجابية لتحقيق
نمو مستدام أقوى، مبرزة أن زيادة الانفتاح على التجارة والاستثمار بين بلدان المنطقة
يمكن أن يسمح بالحصول على مزيد مـن السلع والخدمات بأسعار أقـل، وتحفيز المنافسة، وتشجيع
الابتكار والتنوع وزيادة الشـفافية، والحد من المكاسب الريعية، وكذا زيادة الانتاجية
والنمو في كل البلدان.
ويمكن، حسب الدراسة،
أن يكون الاندماج الإقليمي أداة قوية، تكمل السياسات الداخلية، لزيادة إمكانات النمو
بالمغرب العربي، وخلق فرص الشغل والحد من الفقر.
وفي تحليله للوضع
الراهن، سجل فريق خبراء صندوق النقد الدولي أنه إذا كانت بعض البلدان المغاربية حققت
تقدما كبيرا على صعيد المبادلات التجارية، فإن المنطقة ككل تظل واحدة من أقل المناطق
اندماجا في العالم، حيث أن التجارة البينية الإقليمية تمثل أقل من 5 في المائة من إجمالي
تجارة البلدان المكونة للمغرب العربي، وهي نسبة أقل بكثير من نظيرتها بأي تكتل تجاري
إقليمي آخر في العالم.
وتشير الدراسة
إلى أن الاعتبارات الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية التقييدية أعاقت الاندماج الإقليمي،
مضيفة أن السياسات الاقتصادية التي تقوم على اعتبارات وطنية لا تولي اهتماما كبيرا
للمنطقة، تبقى غير منسقة كما تظل القيود المفروضة على المبادلات وعلى تدفق الرساميل
مهمة وتعيق الاندماج الإقليمي بالنسبة للقطاع الخاص.
ويؤكد خبراء صندوق
النقد الدولي أن "اندماجا أكبر بين البلدان المغاربية له ما يبرره على الصعيد
الاقتصادي"، مشيرين إلى أن الاندماج سيخلق سوقا إقليمية قوامها نحو 100 مليون
شخص بمعدل دخل فردي يبلغ حوالي 4000 دولار بالقيمة الاسمية وحوالي 12.000 دولار على
أساس تعادل القوة الشرائية، وهو ما من شأنه أن يجعل المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات
الأجنبية المباشرة، ويقلل من تكاليف التجارة داخل المنطقة ومن حركية الرساميل واليد
العاملة، ويحسن نجاعة تخصيص الموارد، فضلا عن تعزيز مناعة المنطقة المغاربية أمام الصدمات
الخارجية وتقلبات الأسواق.
وشدد على أن الاندماج
الإقليمي يمكن أن يساعد، على المدى الطويل، على زيادة النمو بمعدل نقطة مئوية في كل
بلد من البلدان المغاربية، مشيرا إلى أن التطور الاقتصادي يظل رهينا إلى حد كبير بسياسات
وطنية قوية، لكن الاندماج يمكن أن يفضي إلى مضاعفة التجارة البينية التي من شأنها دعم
النمو وزيادة الوظائف.
ومن أجل تحقيق
اندماج اقتصاداتها، توصي الدراسة البلدان المغاربية بتخفيف الحواجز أمام المبادلات
التجارية والاستثمار وربط شبكات البنى التحتية بها، فضلا عن تركيز جهودها على تحرير
تجارة السلع والخدمات والأسواق المالية وأسواق الشغل.
ويضيف المصدر أن
الحذف التدريجي للحواجز أمام التجارة البينية بالمنطقة وإرساء بنى تحتية إقليمية وتحسين
مناخ الأعمال من شأنه أن يحفز التجارة داخل المنطقة المغاربية ويعزز اندماج سلاسل القيمة
العالمية.
ومن أجل تسريع
الانتقال من التعاون إلى الاندماج، يقترح خبراء صندوق النقد الدولي أن تقوم الحكومات
المغاربية بوضع أهداف عمل "مشتركة".