adsense

/www.alqalamlhor.com

2019/02/21 - 11:00 م


بقلم الأستاذ حميد طولست
ما سيلي ليس سوى محاولة لقراءة سريعة في جريمة "شمهروش" البشعة التي نفذها متطرفون بجبل أمليل بطريقة موغلة في الهمجية التي زادتها دمامة ومقت إصرار الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة على عرض ما صوره القاتل ، وبدون إنقطاع ، من مشاهد الذبح الحيّة وكأنها تراهن على ألا يبقى من لا يرى بشاعتها ، ومن لا يعش لحظات الألم والأسى والغضب الذي يصيب أعتى الرجال بالانهيار العصبي والصدمات النفسية أمام فضاعتها ، كرد فعل طبيعي مؤلم ،يفضح مدى الكراهية والتطرف ، والانحراف، والإرهاب، والغلو، والعنف، الذي يملأ نفوس القتلة المجرمين ، والذي أصبح جليا يسترعي اهتمام الرأي العام بكل مكوناته من المفكرين والاجتماعيين والقانونيين والإعلاميين والنفسانيين لما يطرحه من مخاطر على الفرد والمجتمع ، ويدفع بهم ، وبقية المجتمع المغربي ، لطرح ، وبشكل جماعي ، جملة من التساؤلات الجوهرية المحتاج - بل والتي تحتم على المسؤولين على الشأن العام - للإجابة عنها إجابات صريحة وقادرة على إعطاء صورة حقيقية عن الأعطاب التي جعلت من جرائم العنف الأيديولوجي والانحراف العقائدي سلوكا اعتياديا ، حتى يتمكن المجتمع من إيجاد السبل الكفيلة لمعالجة هذا الوباء والتخفيف من انعكاساته، وترسيخ ثقافة السلام والتسامح العالميين بين أفراد المجتمع.
ومن تلك الأسئلة التي تفرض نفسها بإلحاحية شديدة :لماذا أرتكبت مثل هذه الجريمة في وطننا المستقر؟ وما هي أسبابها ومظاهرها والدوافع المشرعنة لها ؟ وماذا عن تاريخيتها في المجتمع المغربي ؟ وما العلاقة الرابطة بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبطالة والمحيط البيئي وبين هذا النوع من الجرائم ،التي على ما يبدو أنها لم تكن لترتكب لولم يكن هناك خلل أو التهاون أو سوء في التخطيط ، أو انعدام متابعة المؤسسات الحكومية، والجماعات الترابية ، والمؤسسات العمومية ، والأسرة والمدرسة ، لما يعانيه المواطن المقهور بسببها ، وإنشغال مسيري الشأن العام عن مشاكله بأمور الإرشاد الديني والخطاب الدعوي المصلحي ، عوض بناء سياسة عمومية مندمجة تخدم مصلحة المواطن ، وتحميه من التطرف والجريمة، بروح وطنية عالية ، وخبرة ودراية وإرادة قوية ، ومسؤولية كاملة مقرونة بمراقبة ومحاسبة المتهاونين والمقصيرين في أداء واجبهم تجاه المواطن بشكل صحيح ، ومقاضات الجميع ،الحكوميين والسياسيين عما وقعوا فيه من أخطاء ومفاسد لعبت الدور الأساس في نمو التطرف الفكري في المجتمع عامة ، وإنتشاره في أوساط الشباب الذي يعد أمنه هو أساس أمن المجتمع ، وبالتالي أمن الدولة، المرهون بتحقيق أمن وسلامة هذه الفئة وحمايتها من خطر الجهات المتطرفة والجماعات التكفيرية والارهابية ، دون أن ننسى المسؤولية التي يتحملها المواطن في المجازفة  بأمن وطنه بإختياره الصمت أسلوبا في مواجهة الإرهاب ، وهو يعلم أن : "أن الصامت عن الجريمة أشد جرما من مرتكيبها" وذلك لأنه ليس بقدور الأجهزة المغربية المتدخلة في الجانب الأمني والقضائي ، رغم ما تبذله من مجهودات مضنية وتضحيات جسيمة ، القضاء على الجريمة عامة ، والأيديولوجية على وجه الخصوص ، ما لم يتحمل المواطن المغربي مسؤولية المساهمة الاإيجابية في حماية أمن وسلامة المجتمع الذي يعيش فيه،وما لم يبقى صامتا يتفرج على الأحداث وكأن الأمر لا يهمه ، وحتى لا أطيل سأعود في مقالة تالية بحول الله ، لمحاولة الإجابة على الأسئلة السابقة.