adsense

/www.alqalamlhor.com

2018/12/03 - 11:39 م

بقلم الاستاذ حميد طولست
ليس التسلط الإستبداد وغياب الحريات والديمقراطية وانتشار فساد التخطيط والإدارة ، هو السبب الحقيقى لتخلف البلاد وتردى أحوال العباد ، كما يظن الكثيرون،  وإن كان ذلك من أهم تمظهرات التخلف والتردى وتفشي كل العوار والخلل ، والذي يعود بالأساس إلى تغلغل الثقافة السطحية فى النسيج الفكرى للمواطن ، وتحولها إلى ثقافة عامة ونمط ونهج تفكير وطريق معالجة ذهنية وسلوك يرفض أى تقدم وتطور ويؤصله فى منهجية حياته ، كما هو حال الموروث الثقافي للأمثال الشعبية ، بكل حمولاته -ذات الحدين - التي تطفو إلى سطح جل أحاديث عامة الناس ، تمثل أبرز القواعد الذهبية التي يؤمنون يها ويعملون على هديها ، والتي منها على سبيل المثال لا الحصر: "اللي زربو ماتو"و"ولا زربة على صلاح" و" كل توخيرة فيها خيرة" و" ميات تخميمة وتخميمة ولا ضربة بمقص" و" في العجلة الندامة وفي التأني السلامة " وغيرها كثير من الأمثال الشعبية الفضفاضة التي تحتمل كل التصورات التي تبنى عليها العديد من السلوكيات المجتمعية الشادة التي يربطونها قصرا بالدين ويمنحونها شرعية وقدسية نصوصه ، رغم ما تستبطنه تلك الأمثال من جنوح إلى اللاوقت وتبرير للعبث به ، وما تتضمنه من الدعوة للامسؤولية ، والتشجيع على التقصير في القيام بالواجب ، وإهمال حل المشاكل في وقتها ، وتركها إلى أن تكبر وتتحول الأخطاء إلى أعطابا ، تتعقد معها الأوضاع وتتأزم أكثر ، وتعيق مشاريع تحسين أحوال الناس في كل مناحي الحياة ، فتصاب النفوس بالوهن ، ويفتر الآمال، ويعم الاحباط ، ويكتفي الناس بالخوض وترديد الأمثال الشعبية لتبرير عدم التقيد بالمواعيد، وتضييع الوقت وغيرها من الانزلاقات الوقتية التي تعودوا عليها في حياتهم الخاصة والعامة، وكأن الوقت لا قيمة له ، أو أنه مسموح بهدره ، ما يجعل من العبث به وسوء استخدامه ينتشر على نطاق واسع، وفي كل الأوساط والمنتديات والمجالس والعلاقات والمعاملات، إلى أن يصبح ، مع الأسف، تبديد المورد الوحيد الذي لا يمكن ابداً استرداده،
سلوكا جماعيا قلما ينزّه عنه ، أو يسلم منه، أيّ إنسان من مجتمعنا ، إلا من رحم الله،  من الذين يعلمون علم اليقين أنه لا أمل لنا بالتطور والتغير نحو الأفضل، ما لم نحدث تغييرا فكريا في تعاملنا مع الوقت ، بالحفاظ عليه ، وتقديره وضبطه ، واحترام المواعيد ، وتربية الأجيال على حسن استغلال الوقت الذي له يد في كل سبب من أسباب التطور والتقدم  ، وذلك لأننا لسنا متخلفين لأننا مغاربيين وعرب ومسلمين ، بل لأننا جامدون فكريا، لم نغير من تعاملنا بالمرونة مع الموروث الثقافي غير الصحيح في تبرير أللاوقت ، والتسامح مع هدر الوقت ، والتجاوز على عدم التقيد بالمواعيد ، سبب ما نحن فيه الآن من تخلف..