بقلم حميد طولست
بين وفيٍّ وخائن، يعيش الوطن ويهلك المواطن.
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وقضية
التمويل الليبي لحملته ، نموذجا.
ليس لدى الدول التي تحترم نفسها وتجل مواطنيها
أفرادا وجماعات، وتحافظ على حقوقهم التي ضمنها لهم الدستور ودولة المؤسسات ، ما يسمى
بالصلاحيات المطلقة ولا السلطات المطلقة ، لأنها تعرف مسبقا أن كل صلاحية أو سلطة مطلقة
، سياسية كانت أو دينية ، هي في حد ذاتها مفسدة مطلقة ، تجعل المواطن يعيش قلقا دائما
يُفقده الثقة في كل المسؤولين على شأنه العام ، ويدفع به للتشكيك في قدراتهم على تحقيق
أبسط حقوقه دون غش أوخداع ، خاصة حينما لا يلمس المواطن أي نتيجة إيجابية تخص معيشه
وصحته ومسكنه وتعليم أبنائه ، ولا يرى ولا يسمع إلا ضجيج خوض المسؤواين في القضايا
الهامشية التي ليست من صميم اهتماماته والبعيدة كل البعد عن واقعه وآماله ، والمرتكزة
كليا على المصالح الأنانية الخاصة ، التي لا تحل أي مشكل من مشاكله اليومية ، ولا تعالج
أيا من قضاياه الكبرى المتمثلة في الفقر والبطالة والإسكان والصحة والعدالة الاجتماعية
..ومن تخامره ذرة شك في هذا الأمر ، فما عليه إلى النظر للكيفية التي أصبحت تدار بها
الكثير من شؤون المواطن المغربي المحلية والوطنية وحتى الدولية ، فلا شك أنه سيسيئه
ما سيراه من سلطات مطلقة حد التسيب في تعامل المسؤولين مع ما تحملوا مسؤولية إدارة
من أمور البلاد التي غدت كأنها ضيعة من ضيعاتهم الخاصة ، حيث هم فيها الأسياد وغيرهم
الخدم والتابعون ، يتصرفون في الخلق وكأنهم خلفاء الله في الأرض ، يعيبثون بمقدراتهم
وأموالها العامة ، وكأنها إرث شخصي ينفقون منه على المتنفذين ، ويُـنعمون ببعضه على
من يـُريدون من المحظيين، ليوفروا لأنفسهم الحماية، ويمنعونه عمّن يكرهون أو يتوجّسون
من ولائه ، ويعطون لأنفسهم الحق في عزل من يشاؤون، واصطفاء من يشتهون من الموالين والمريدين،
الذين لا كفاءة لهم غير الطاعة العمياء والولاء اللامشروط، ولا رأس مال لهم غير التصفيق
للغي والخطأ ، ولا هم لهم إلا الانتهازية والاستئثار بالغنيمة على حساب المنبودين من
أبناء الوطن.
إنها والله لمسخرة زمان أغبر ، سُقينا منها
حتى الثمالة ، مسؤولون نرجسيون مستبدون يديرون شؤون البلاد بمزاجية لا تهدف إلا للإثراء
على رؤوس الأشهاد وبدون موجب حق، في ظل غياب مبدأ المساءلة الأخلاقية قبل القانونية
، وإنتفاء إجبار أي منهم على المحاسبة المعلنة والوقوف أمام الشعب للإجابة عن أسئلته
العريضة التي تحرق دواخل المواطن حول ماذا قدم هؤلاء الذين عقدت عليهم كل آمال تنمية
الوطن وتصحيح أوضاعه وتحسين جودة حياة المواطن ، خلال فترة جلوسهم على الكراسي المخملية
التي يتقاضون مقابلها من أموال الشعب ما شاؤوا ، على اعتبار أنهم جهابذة زمانهم، القادرون وحدهم على قيادة الناس ولو بلا كفاءة.
وإنه لوضع يزيد من حسرة المواطن وتحسره
على سوء حاله وتدهور احوال وطنه ، ويفاقم أزمة الثقة بينه وبين مسؤولي شأنه العام ،
ويؤكد أهميّة فرض تغييرات جذرية لتركيبة المسؤولين وآليّة عملهم وحدود صلاحيّاتهم ،
وتفعيل قانون المحاسبة والمساءلة الذي يعاقب بموجبه من أساء ويكافأ من أحسن ، المبدأ
الكفيل وحده بإعادة للمواطن كرامته وهيبته ويرجع ثقته في مسؤوليه ، تلك الثقة التي
لا سبيل لإرجاعها بدون تطبيق قانون العقوبات الذي يستوجبه تقاعس المسؤولين عن القيام
بالمنوط بهم والمأمول منهم
.
وأختم بالقول بأن لاشك أن المشكلة ليست
في الأشخاص الذين يسيرون شأننا ، بل في المجتمع الذي جاؤوا منه ، أو في الديمقراطية
التي جاءت بهم ؟؟
ولاشك أن المغاربة يحلمون بتغيرهم بوزراء
وولاة ومنتخبين ومدراء ومهندسين وأطباء ، مستوردين من الخارج ، كما هو حال أساتذة التعليم
ولاعبي كرة القدة والكثير من التكنولوجيا الحديثة والسيارات وآلات الغسيل وسكانير،
حتى يتمكنوا من جعل حياة المواطن يسيرة وميسرة.