هناك رسالة واحدة وجب إيصالها لكل من يسعى
إلى توريط الممرضة "زينب" العاملة بالمستشفى الجامعي بفاس بعد ما تعرضت له
من اعتداء جسدي موثق في كاميرات المراقبة، لأولئك الذين لا يعلمون ولا يحللون ولا ينظرون
من جميع الجوانب، وما تتعرض له الأطر الصحية من اعتداءات يومية في هذا القطاع المهترئ،
البعض يحكمون بالعاطفة و يتابعون موقعا مبتذلا إلى جانب بعض المواقع الصوحافية الصفرائية
الأخرى التي لا تمت بصلة بأخلاقيات الصحافة ، تسعى إلى تكليخ شريحة واسعة من المجتمع
المغربي وإلهائه بالتفاهات والنميمة والفضائح والرقص ، وهي جزء من خطة مدروسة يتم بها
توجيه الرأي العام كما يريد أولئك الذين ساهموا في تجهيل المجتمع وتفقيره منذ عقود
، وذلك بضرب التعليم وإفشاله ، والتقليل من قيمة الأستاذ و المدرس ، وتحميل فشل منظومة
الصحة للطبيب والممرض، والقضاء للقاضي والمحامي...و تشويه المثقفين ، وشراء النخب ،
وتأسيس أحزاب ونقابات متعددة لا من أجل الوحدة بل للتفرقة وزرع الشكوك فيما بينها بعد تبخيسها ....إلخ .
وفاة والد المعتدية قضاء الله وقدره ، ومن
هنا نبلغ تعازينا الحارة لعائلته الصغيرة والكبيرة، رحمه الله وجعل مثواه الجنة بإذنه
، إنا لله وإنا إليه راجعون. لا بد أن نوضح لعموم المواطنات والمواطنين أننا جزء منه
ومن هذا الوطن ، و لم نبغض يوما أن تكون المستشفيات خالية من المرضى، ولما لا مجهزة
مثل مستشفيات الدول التي تحترم نفسها وتقدر الإنسان كإنسان، أو/ و بدون مساطر إدارية
وأداء ثمن الفحوصات ، لأن هذا ليس من صالحنا ولا من اختصاصاتنا كأطر تمريضية وطبية
، ولا تغنينا تلك الإجراءات التي فرضتها الحكومة والوزارة الوصية في شيء ، فالصندوق
يعود لمن هو مسؤول عن تسيير هذه المنظومة وليس لمن هو موظف داخلها ، وأجرنا الشهري
محدود ينقص ولا يزداد ، سواء أدى المواطن ثمن فحوصاته أم لا ، لهذا من يطالب بمجانية
العلاج والاستفادة منه ، ما عليه سوى أن يطالب ذلك من الذين وضعوا هاته القوانين التي
تفرضها على المواطنين ، لمن تم إيصالهم عبر صناديق الاقتراع ( بالنسبة للمصوتين ) ،
يقترحون و يشرعون ويصادقون عليها ، عليكم أن تعلموا أنه لا يوجد شيء بالمجان في المستشفيات
إلا ما هو قانوني بالنسبة لحاملي بطاقة "راميد" ، وحتى في بعض الأحيان بوجود
هاته البطاقة قد لا تنفع نظرا لعدم وجود أجهزة ومعدات طبية كافية وأحيانا العطب الذي
يحصل في بعض الأجهزة " ونحن لسنا مؤهلينا لإصلاحها" شغل الوزارة والإدارة ، أما ميزانية المنظومة ضعيفة جدا جدا ( صومالية
) على غرار بعض القطاعات ، ويا ليت أموال موازين والمهرجانات كانت تصرف على مرضانا
أو تلاميذنا بالنسبة للتعليم ، وبرلمانيونا اليوم يصادقون على كل شيء يضرب القدرة الشرائية
للمواطن " وبالتعليمات أحيانا" ، ولنا في صندوق التقاعد والمعاشات والمقاصة
والمحروقات أمثلة لعلكم تذّكرون ، ومن يذكر عندما اقترح حزب مكون من برلمانيين اثنين
داخل القبة بإضافة 4 % من أجل التعليم والصحة، صمتوا جميعا ولم يصوت إلا اثنين منهم
، لأن هؤلاء لا يمثلون الشعب بأكمله، بل يمثلون مصالحهم وطموحهم ، سيصادقون على أي
مشروع لا يمس تعويضاتهم وامتيازاتهم و تقاعدهم ، لأنهم فعلا لا يمثلون المواطن ، وكيف
تنتظر أن يمثل أحسن تمثيل من صعد "بالزرقالاف أو خنشة طحين" ، وكيف لمن باع
صوته أن يستحق الكرامة والعيش الكريم ، شيؤ لا يعقل، تبيعون رصيد خمس سنوات مستقبلية
تملقا و طمعا و ارتشاء وينتظرون الخير !!! أي انفصام هذا ؟ ، نحن لا نبخس البرلمان
لأنه في الدول الديمقراطية يعتبر مؤسسة تمثل الشعب ، ومهمتها إيصال مطالب الشعب وطموحاته
، ومراقبة الحكومة ، فبرلماننا مبخّس سلفا ، ويكفي أن يكون مليء ببعض الأميين وبعض
المثقفين الانتهازيين ليتم تمرير قوانين مجحفة في حق المواطن ( خاصة الطبقة العاملة
والكادحة) ، لن أتحدث عن ازدواجية الخطاب عند تجار الدين ومن معهم في الأغلبية ، فلكم
أن تعودوا لفيديوهات موثقة لخطابهم قبل المعارضة وكيف صاروا بعد وصولهم لسدة الحكم
وبدلوا تبديلا ، وقال زعيمهم السابق يوما آية من الذكر الحكيم على تلك الاقتطاعات بقوله
تعالى { وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} ، آية تم تطبيقها على البسطاء فقط
،فلو طُبقت على الجميع ما كنت لأخربش هاته الكلمات اليوم .
جميعنا يعلم اليوم أننا لسنا معصومين من
الأخطاء ولا ملائكة ولا متكاملين ، فينا الصالح والطالح ، أما الضمير والمعاملة الجيدة
هي مرتبطة مباشرة مع البيئة والتربية التي نشأ فيها ابن آدم حوله منذ صغره إلى نضجه
، ليس في قطاع الصحة فقط بل في جميع القطاعات و الإدارات العمومية والخاصة ، حتى في
المجتمع نفسه ، قد يعطينا البعض دروسا في الضمير المهني، نعم وأنا متفق معهم وفينا
من لا يملكه أصلا، ولا يستحق مجال الطب والتمريض ، لكن فينا أيضا من يقوم بمجهودات
جبارة في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإدخال السرور لأهله و تخفيف الألم لمعاناته ،
ولم يتحدث يوما أحد من هؤلاء المنتقدين عن ممرض واحد يقابل أزيد من 35 مريضا في قسم
التطبيب أو الجراحة 24/24 ساعة ، لا عطل ولا أعياد ولا هم يحزنون، لم تتكلف يوما صحافة
العار والعهر والفسق لتعترف بمجهود أولئك الاطر الصحية "أطباء وممرضين" الموجودين
في جبال المغرب المنسي في غياب أبسط شروط العمل، لم تراقب كاميرات صحافة العهر تحركات
ممرض واحد وطبيب واحد في مستسفياتنا المحلية والإقليمية وهم يستقبلون بين 80 و 120 مواطن على الأقل في اليوم الواحد....!!!!
كيف يمكن أن تكون بنفس البرودة و الليونة في الكلام والمعاملة إذا كان أحدهم لا يحترم
من سبقوه في الصف باستثناء الحالات المستعجلة ، بل أحيانا لا يقبل أن تكون الأسبقية
لمن هو بين الحياة والموت ، بينما مشكلته هو ليست إلا شهادة طبية أو ألم في بطنه أو
حساسية ، كيف يمكن أن تنظم 10 أشخاص وتنصحهم باحترام الصف ومنهم من لم يعطي القيمة
لمن سبقوه فيأتي ويقول أنا سأدخل أو يبحث عن مرتش ليقضي حاجته في حين أن هناك بسطاء
ينتظرون لساعات ، كيف لشعب غير منظم أن يكون واعيا ويحلل أشياء تفوق ذكائه المحدود
الذي يربط عدم وجود سكانير في ممرض أو طبيب مغلوب على أمره ، وكيف يمكنك أن تقنع جاهلا
يطالب الكشف بالأشعة وهو يعاني من تسمم أو من حساسية جلدية، تنصحه بأن ذلك لا يصلح
في شيء ، ورغم ذلك تجده مصرا على ذلك ، كيف لمن يريد قضاء حاجته بالرشوة أن يكون منصفا
، وكيف يمكن أن تقنع البعض أنك لست مرتشيا وهو يقسم بالله أنها مجرد قهوة أهديها لك
من قلبي لحسن معاملتك؟؟؟؟ كيف وكيف وكيف....
لقد نجح أهل الحال في جعلنا نصطدم فيما
بيننا كمواطنين كل من موقعه ، نحمل فشل سياسات عمومية للموظف البسيط ونلعن ونسخط على
بعضنا البعض ، فيما المستفيدون من هذا الوضع يتزايدون علينا في الوطنية من مكاتبهم
المزخرفة و تعويضاتهم السمينة وهم مرتاحون ما دمنا نحن متفرقين مشتتين نحمل المسؤولية
لبعضنا البعض ، في حين أننا نتحمل جزء صغير فقط من هاته الاصطدامات والمشاكل والمعانات
اليومية والجزء الأخر سببه سوء التسيير والتدبير الفاشل لمن هم اليوم في الطابق الأعلى
، يتحدثون بالاستراتيجيات والبرامج والشراكات إنما في الواقع أنه في هاته اللحظة بالضبط
هناك أطر تكافح وتكابر وتجتهد لتخفيف آلام الكثيرين من المرضى وبإمكانيات قليلة جدا
وصحافة العهر مهتمة بالنميمة والفضائح والرقص لإلهاء المواطن وليس لتنويره، مع احترامنا
للصحافة المستقلة التي تحترم نفسها وتسعى إلى تنوير الرأي العام بحيادية وبكل أمانة.
يا ليتني كنت مثل الذين خرجوا في مسيرة
ولد زروال وطالب أحدهم بإخراج بنكيران من الصحراء و الآخر قال إن البهيمة تعاني والأخرى
التي قالت لقد خرجنا وفقط، لا نطالب بشي ،فقط خرجنا.....
أتأسف كثيرا لما آلت إليه الأوضاع من حقد
وجهل وفساد
ونفاق وانفصام ....ألم نصل بعد إلى الحضيض!؟.
عماد البلوقي ممرض عضو المجلس الوطني لحركة
الممرضين و تقنيي الصحة بالمغرب