adsense

/www.alqalamlhor.com

2018/02/25 - 10:57 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

تختلف أحاديث الناس وتتنوع حسب اهتماماتهم ، فإن هي توحدت في الشوارع والمقاهي و باقي المحافل حول موضوع معين ، فبالتأكيد أن ذاك الموضوع هو حديث الساعة ، وحديث الساعة الذي شغل بال المغاربة وأرقهم في الأيام الأخيرة ، لا يتعلق ، بمظاهر الطائفية والعرقية وسفك الدماء بالقتل والذبح التي باتت العنوان الرئيسي، والمحور الأساسي للحروب الأهلية في المنطقة العربية ، وليس هو سعي القوى الغربية لفرض هيمنتها على العالم العربي، ومحاولة إعادة رسم حدوده وخريطته الجديدة المكرسة لأسرائيل دولة عظمى بمنطقة “الشرق الاوسط " ، وإنما حديث الساعة الذي انشغل به المغاربة في الأيام القليلة الأخيرة ، هو تلك الأخلاق الرديئة والعادات المشينة البشعة المناقضة لجوهر ما حث عليه الإسلام من فضائل ، التي لا يتورع الكثيرون عن اقترافها ، عامة ونخبة على حد سواء ، رغم ما فيها من إساءة للإسلام والمسلمين ،  وتسبب لهم الحرج البليغ ، والجرح العميق ، وتحولهم إرهابيين في أعين غير المسلمين .
باختصار إن حديث الساعة هو تلك السلوكات المشين المتمثل في فضائح الاغتصاب المتكررة التي أضحت لصيقة بالعرب والمسلمين ، والتي كان أخيرها وليس آخرها ، تلك الفضيحة الجديدة التي أتهم فيها أحد مشاهير الإسلاميين عبر العالم ، الدكتور طارق رمضان السويسري الجنسية المصري الأصول ، باغتصاب فرنسيتين" كريستيل و هندة "التي وثقت تفاصيل اغتصابها المفترض بغرفته بأحد الفنادق الفرنسية في كتاب نشرته سنة 2016 دون أن تذكر المغتصب بالاسم ، قبل رفعها شكاية رسمية ضده .
القضية التي لم يتوانى بعض الغربيين إلى ربطها بالإسلام والمسلمين ، و جعلوها تمثل حقيقة الإسلام ، وفي المقابل شكك الإسلاميون عامة وإسلاميو المغرب على وجه الخصوص ، في صحة قيام الدكتور طارق باغتصاب المشتكيتين هندة وكريستيل واتهامهما بالتآمر عليه، وهو أبن الدكتور محمد سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا مؤسس حركة الإخوان ، وأستاذ للدراسات الإسلاميّة المعاصرة في جامعة أوكسفورد  قسم الدراسات الشرقيّة بكلية القديس أنتوني ، وأستاذ الأديان وحوار الأديان في قسم الدراسات اللاهوتيّة بنفس الجامعة ،  وأستاذ زائر في كلية الدراسات الإسلاميّة بدولة قطر، وفي الجامعة الماليزيّة "بيرليز"، وباحث في جامعة دوشيشا باليابان ، ورئيس مركز الدراسات التشريعيّة والأخلاق بالدوحة ، وكأنه يكفي أن تكون من الأصوليين، وأستاذا جامعيا ، ليمنحك الإسلاميون وأتباعهم وأزلامهم وأحزابهم وكل الذين يسيرون في ركبهم "صكوك الغفران والبراءة"، ويستميتوا  في الدفاع عنك مهما اقترفت من ذنوب وجرائم ، حتى لو كانت سرقة أو اغتصابا أو قتلا،  خاصة إذا ارتكبت ضد العلمانيين الذين هم مجرد كفار في شريعة الإسلاميين ، وتطبيقا منهم لقاعدة "انصر أخاك ظالما أو مظلوما " التي يؤمنون بها ، والتي تم تغييرها بمبدأ "انصر أخاك ولو كان مغتصبا أو قاتلا " التي طبقوها على أرض الواقع في الحملة التي حاولوا تنظيمها تضامنا مع الدكتور طارق رمضان على خلفية تهمة الاغتصاب رغم تعارضها مع مبدأ استقلالية القضاء ، وشبهة التأثير على العدالة وتضليلها ، في مسألة لم يحسم  فيها القضاء ، ولم يصدر حكمه النهائي فيها.
وقد اعتبر الكثير من المحللين وجمعيات حقوق الإنسان  ، أنه لم يكن الغرض من تلك الحملة، التضامن مع طارق رمضان ، بقدر ما كان مجرد رد لمعروف وإحسان قطر للجهة المنظمة ودفاعا عن "المنكر ، وشرعنة لثقافة الاغتصاب ، الأمر الذي دفع بالكثير من النخب المتنورة لرفض المشاركة في تأطيرها فقط ، بل والإحجام عن التعليق عليها ، لتنافيها مع ما مبادئ استقلالية القضاء التي ينص عليها الدستورين المغربي والفرنسي ، واستحالة  أن تكون إدانة الدكتور طارق هي مجرد تصفية حسابات مع الإسلام والمسلمين في شخص المفكر الإسلامي الدكتور طارق رمضان ، الذي قرر الادعاء الفرنسي توقيفه بعد أن تم الاستماع إلى شهادة ضحيتيه، وأثبتت أقوالهما في محاضر رسمية.