بقلم الأستاذ حميد طولست
تختلف أحاديث الناس وتتنوع حسب اهتماماتهم ، فإن هي توحدت في الشوارع والمقاهي و باقي المحافل حول موضوع معين ، فبالتأكيد أن ذاك الموضوع هو حديث الساعة ، وحديث الساعة الذي شغل بال المغاربة وأرقهم في الأيام الأخيرة ، لا يتعلق ، بمظاهر الطائفية والعرقية وسفك الدماء بالقتل والذبح التي باتت العنوان الرئيسي، والمحور الأساسي للحروب الأهلية في المنطقة العربية ، وليس هو سعي القوى الغربية لفرض هيمنتها على العالم العربي، ومحاولة إعادة رسم حدوده وخريطته الجديدة المكرسة لأسرائيل دولة عظمى بمنطقة “الشرق الاوسط " ، وإنما حديث الساعة الذي انشغل به المغاربة في الأيام القليلة الأخيرة ، هو تلك الأخلاق الرديئة والعادات المشينة البشعة المناقضة لجوهر ما حث عليه الإسلام من فضائل ، التي لا يتورع الكثيرون عن اقترافها ، عامة ونخبة على حد سواء ، رغم ما فيها من إساءة للإسلام والمسلمين ، وتسبب لهم الحرج البليغ ، والجرح العميق ، وتحولهم إرهابيين في أعين غير المسلمين .
باختصار إن حديث الساعة هو تلك السلوكات
المشين المتمثل في فضائح الاغتصاب المتكررة التي أضحت لصيقة بالعرب والمسلمين ، والتي
كان أخيرها وليس آخرها ، تلك الفضيحة الجديدة التي أتهم فيها أحد مشاهير الإسلاميين
عبر العالم ، الدكتور طارق رمضان السويسري الجنسية المصري الأصول ، باغتصاب فرنسيتين"
كريستيل و هندة "التي وثقت تفاصيل اغتصابها المفترض بغرفته بأحد الفنادق الفرنسية
في كتاب نشرته سنة 2016 دون أن تذكر المغتصب بالاسم ، قبل رفعها شكاية رسمية ضده
.
القضية التي لم يتوانى بعض الغربيين إلى
ربطها بالإسلام والمسلمين ، و جعلوها تمثل حقيقة الإسلام ، وفي المقابل شكك الإسلاميون
عامة وإسلاميو المغرب على وجه الخصوص ، في صحة قيام الدكتور طارق باغتصاب المشتكيتين
هندة وكريستيل واتهامهما بالتآمر عليه، وهو أبن الدكتور محمد سعيد رمضان زوج ابنة حسن
البنا مؤسس حركة الإخوان ، وأستاذ للدراسات الإسلاميّة المعاصرة في جامعة أوكسفورد قسم الدراسات الشرقيّة بكلية القديس أنتوني ، وأستاذ
الأديان وحوار الأديان في قسم الدراسات اللاهوتيّة بنفس الجامعة ، وأستاذ زائر في كلية الدراسات الإسلاميّة بدولة
قطر، وفي الجامعة الماليزيّة "بيرليز"، وباحث في جامعة دوشيشا باليابان ،
ورئيس مركز الدراسات التشريعيّة والأخلاق بالدوحة ، وكأنه يكفي أن تكون من الأصوليين،
وأستاذا جامعيا ، ليمنحك الإسلاميون وأتباعهم وأزلامهم وأحزابهم وكل الذين يسيرون في
ركبهم "صكوك الغفران والبراءة"، ويستميتوا في الدفاع عنك مهما اقترفت من ذنوب وجرائم ، حتى
لو كانت سرقة أو اغتصابا أو قتلا، خاصة إذا
ارتكبت ضد العلمانيين الذين هم مجرد كفار في شريعة الإسلاميين ، وتطبيقا منهم لقاعدة
"انصر أخاك ظالما أو مظلوما " التي يؤمنون بها ، والتي تم تغييرها بمبدأ
"انصر أخاك ولو كان مغتصبا أو قاتلا " التي طبقوها على أرض الواقع في الحملة
التي حاولوا تنظيمها تضامنا مع الدكتور طارق رمضان على خلفية تهمة الاغتصاب رغم تعارضها
مع مبدأ استقلالية القضاء ، وشبهة التأثير على العدالة وتضليلها ، في مسألة لم يحسم فيها القضاء ، ولم يصدر حكمه النهائي فيها.
وقد اعتبر الكثير من المحللين وجمعيات حقوق
الإنسان ، أنه لم يكن الغرض من تلك الحملة،
التضامن مع طارق رمضان ، بقدر ما كان مجرد رد لمعروف وإحسان قطر للجهة المنظمة ودفاعا
عن "المنكر ، وشرعنة لثقافة الاغتصاب ، الأمر الذي دفع بالكثير من النخب المتنورة
لرفض المشاركة في تأطيرها فقط ، بل والإحجام عن التعليق عليها ، لتنافيها مع ما مبادئ
استقلالية القضاء التي ينص عليها الدستورين المغربي والفرنسي ، واستحالة أن تكون إدانة الدكتور طارق هي مجرد تصفية حسابات
مع الإسلام والمسلمين في شخص المفكر الإسلامي الدكتور طارق رمضان ، الذي قرر الادعاء
الفرنسي توقيفه بعد أن تم الاستماع إلى شهادة ضحيتيه، وأثبتت أقوالهما في محاضر رسمية.