بقلم الأستاذ حميد
طولست
كلي يقين أنه لا
أحد يتخلف على أن المواطن المغربي تواق دائماً للتغيير في كل المجالات ، وعلى رأسها
كلها ، تغيير طريقة تشكيل الحكومة ، كخطوة لإثبات الشفافية ووضوح الرؤية في تجديد الأداء
الإداري الحكومي وتطويره وإخراجه من الجمود والرتابة والعمل التقليدي ، بدل تلك المزاجية
التي تميزت بها طريقة التوزير القديمة ، التي سئم ما أنتجته من نوعية الوزراء المصابين
بداء الاستوزار ، والعقليات والأفكار المنشغلة بالظفر بالمناصب داخل دواوين الوزارات
ومندوبياتها ومديرياتها ، والموجودون دائما تحت الطلب وبأكثر من الحاجة لتشكيل حكومة
واحدة ، والذين هرعت أحزابهم لإقناع رئيس الحكومة باستوزارهم على أنهم رجال دولة ويفقهون
في السياسة ما لا يعلمه جهابدة علوم السياسية ، كما كان الحال مع أولئك الذين شاركوا
في التركيبة الأولى والثانية للحكومة السابقة ، والذين لم يعرف أحد لهم نتاجا ، اللهم
ما ارتكبه بعضهم من فضائح أشهرتهم وأساءت للبلاد ، والذي لا أحد من المغاربة يقبل بها
كحكومة من المفروض فيها أن تنهي مآسيهم ، وتضع حدا لسنوات الفقر والتهميش والإهانة
، التي ناضلوا ضدها لسنوات.
ولتدارك هذا الأمر
، وقبل أن تفوت الفرصة و"تقع الفأس في الراس" كما يقول المثل ، أدعوكم السيد
رئيس الحكومة للتفكير في طريقة جديدة للتواصل والتفاهم مع الفرقاء ، لتعجيل تشكيل حكومة
منسجمة وقوية ، باجتراح مقاربة مختلفة عن المعايير السابقة لعملية الاختيار التقليدية
والقديمة والضيقة التي لم تكن لها علاقة تقارب أو تقاطع بين الأحزاب المتآلفة ، ولم
يدخل توافق البرنامج في عملية التشكيل ، كما أنها لم تبنى قط على النوايا الحسنة .
فإذا أنتم أردتم
التوزير من الأحزاب –الذي هو ضرورة موضوعية ، لإكمال النصاب- على قدر ما يمتلكه كل
حزب من كفاءات عالية ، فتلك هي "المحاصصة" التي تسمح لجميع المكونات الحزبية
الفائزة في الانتخابات للمشاركة في الحكومة وفي تحمل المسؤولية التضامنية في قيادة
دفة البلاد وإدارة شئون الدولة ، أما إذا نويتم تقسيم الكراسي بين قادة وأعضاء الأحزاب
على مختلف تياراتها السياسية كما تقتسم الغنائم ، حتى تتقوا شر بعضها أو تأمنوا جانب
بعضها أو تضمنوا ولاء بعضها الآخر ، فذاك الذي يسمى في علم الإجرام بـ"الابتزاز"،
وإذا فضَّلتم توزيع المناصب على معارفكم وحوارييكم ودواوينكم، فهذا يطلق عليه وليمة
اقتسام كعكة السلطة التي لم يتذوق منها الشعب سوى المرارة . أما إذا قررتم الاعتماد
في عملية التشكيل على إرضاء من لم يحصل في الانتخابات إلا على العدد القليل من المقاعد
وبكفاءات متوسطة إلى ضعيفة ، فذاك يسمى تحيزا ، أما إذا انتهيتم إلى محاباة من أسقطته
الصناديق ، فذاك يطلق عليه "المجاملة" أو جبر الخواطر ، أو مجرد إكرامية
-ليس لأحد الحق في منحها دون الرجوع للشعب صاحب الشأن في الأول وفي الأخير في اختيار
من يسيره ، أما إذا كان الاستوزار سيتم تبعا لصفقة سياسية بينكم كرئيس للحكومة وبين
بعض رؤساء الأحزاب، وقياداتها الطامعة في الإستوزار كغاية قصوى ، فذاك الذي يعرف بالتواطؤ
والتعدي على أحقية الشعب في حكومة جادة وبعيدة عن أنانية الأحزاب المتقدمة في النتائج
الأخيرة ودكتاتورية قادتها ومناوراتهم المشبوهة ، التي لا تفكر في تعطش الشعب المغربي
لحكومة يستطيع وزراؤها ممارس مهامهم على الوجه الأكمل ويتحملون فيها مسؤولياتهم التي
تسمو فيه المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية..