adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/12/11 - 9:27 ص


الإسلام السياسي في المغرب: تأملات في النشأة والخطاب والأداء
صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية بالمغرب


قد يبدو عنوان هذا الكتاب مثيرا لأول وهلة، حينما يصادفه القارئ سواء في المكتبات أو غيرها، أو حين يقرأه في صحيفة أو موقع، لكن مع قليل من الصبر سيتأكد هذا القارئ أن المجموعة المقصودة بهذا العنوان هم فعلا "سراق الله".
الدين دين الله، وهو ملك للبشرية كلها، لكنهم فصلوا أساسيات هذا الدين القيم بما يتماشى مع أهداف وتصورات خططوا لها بعناية، مستغلين بشكل بشع عاطفة الناس وميلهم الفطري نحو الدين، فباتوا يدغدغون مشاعر الناس باسم الدين، والدين منهم براء.
قد لا يلاحظ المرء أي مظهر من مظاهر التدين على الكثيرين ممن تقمصوا دور المتدينين لكنهم (أي هؤلاء الأدعياء) يجعلون من الدين قوتهم اليومي، إمعانا منهم في تزييف الحقيقة والكذب على الله وعلى الناس أجمعين.
ويأتي هذا الكتاب الذي يقع في تسعمائة صفحة من الحجم الكبير (17/24) ليرمي هؤلاء القوم بحجر، إذ لأول مرة يسلط باحث مغربي (وهو غير بعيد عن مسارات الحركة الإسلامية) الضوء على الكثير من عتمات التاريخ التي أرادوا لها أن تبقى مظلمة.
حاولوا تزييف الدين وجعله بضاعة تباع وتشترى وحاولوا كذلك طمس الحقائق عبر كتابة تاريخ مزيف على مقاسهم، ويأتي هذا الكتاب الهام ليقول لهم كفى تزييفا للدين وسطوا على التاريخ..
عبر صفحات هذا الكتاب سيجد القارئ نفسه أمام محطات تاريخية غيبت عنه قسرا، وهذه المحطات التاريخية عززها الكاتب بأدلة وبوثائق وصور نادرة، إذ لأول مرة يصدر كتاب بهذا الزخم من الحقائق والمعطيات عن تاريخ الحركات الإسلامية المغربية.
لا أدعي – كناشر للكتاب – أن الكتاب قد أحاط بكل شيء – لكنه أحاط بالكثير من أسرار هذه الجماعات التي بدأت زمنها الدعوى بالدروشة وحلقات الوعظ والإرشاد، وانتهى فصيل منها إلى قيادة الحكومة المغربية بعد أن تمكن من التغلغل في الأوساط الاجتماعية والجمعوية، وصولا إلى العمل الحزبي الذي قاد هذا الفصيل إلى البرلمان ومن خلاله إلى الحكومة..
منطقيا يبدو كل شيء مسروقا عندهم، وهذا ما فعلوه.
أولا: حاولوا إيهام الناس أنهم ضحايا جمعية الشبيبة الإسلامية بقيادة زعيمها التاريخي المنفي عبد الكريم مطيع، لكن الحقيقة أثبتت أنهم كانوا في آخر قائمة هذه الجماعة، ولا صلة عملية لهم بها لأنهم كانوا في آخر الركب وكانوا صغار السن آنذاك.
ثانيا: حاولوا بكل ما يملكون من دهاء وخدعة أن يركبوا موجة تأسيس كيانات – إسلامية – جديدة حاولوا عبرها تمرير خطاب المظلومية ثم دخلوا في تحالفات تكتيكية مع كيانات إسلامية أخرى، اتضح فيما بعد أنهم فعلوا ما فعلوه ليستولوا على قيادتها وقاعدتها معا ليس إلا ، وهو ما حصل مع رابطة المستقبل الإسلامي على سبيل الحصر.
ثالثا: استخدموا كل ما تعلموه من حيل على يد قيادات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، مستخدمين حتى أسلوب البكاء والتباكي أحيانا وذلك لكي يتمكنوا من التغلغل داخل بعض الأحزاب السياسية (حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال ) في بداية الأمر إلى أن تمكنوا عبر وساطات داخلية وخارجية من الاستيلاء على حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بزعامة عبد الكريم الخطيب، وبمجرد ما حصل لهم التمكين داخل هذا الحزب، شطبوا على قياداته وأطره وقواعده ثم أسسوا على أنقاضه حزبا جديدا هو الذي يدعى الآن العدالة والتنمية.
رابعا: ركبوا على موجة أحداث ما أصطلح على تسميته بالربيع العربي ( أو العار العربي ) فأصبحوا حاكمين بلا منازع..
هكذا نلاحظ في كل محطة من محطاتهم (النضالية ) أنهم حصلوا على كل شيء بالسرقة... سرقوا الدين، سرقوا بعض الكيانات الإسلامية الأخرى عن طريق إدعاء الوحدة، سرقوا احتجاجات الشارع بعدما سرقوا حزبا بكامله، والآن لا ندري ما الذي يخططون له كي يهيمنوا عليه ويسرقوه، وقد تكون عملية السطو هذه المرة كبيرة إن لم يتم التعامل معهم بحذر واحتياط شديدين، خاصة وأنهم زرعوا بذورهم في كل مرافق الدولة. هذه البذور مدسوسة بعناية لأنهم اختاروها بدقة حتى لا تثير انتباه من يهمهم الأمر.
لقد خططوا في ظل غياب منافسين لهم من قيادات الأحزاب الأخرى، وهاهم يخططون الآن لتفكيك بقية الأحزاب لتخلو لهم الساحة ثم يفعلون حينئذ ما يريدون، وذلك هو الخطر الأكبر الذي نلفت إليه الانتباه.
كتاب " سراق الله " بذل فيه الكاتب إدريس هاني جهدا كبيرا يحسب له، ويضاف إلى قائمة إنجازاته الفكرية والثقافية التي تخطت المحلية لتصبح محل اهتمام جهات فكرية عربية ودولية.
ارتأيت ألا أقتبس من الكتاب ما قد يشوش على القارئ الكريم، تاركا له حرية الغوص في فصول وأقسام هذا العمل القيم.
 عبد النبي الشراط مدير دار الوطن للصحافة والطباعة والنشر