تصريح العنصر الأخير نموذجاً.
بقلم الأستاذ حميد طولست
إذا كانت اللعبة السياسية تفرض على الكثير
من الأحزاب السياسية المغربية ألا تتصارع فيما بينها إلا في إطار مصالحها الأحادية
الخاصة ، وتنافسها على استمالة الرأي العام والكتل الناخبة ، الأمازيغية منها على الخصوص ، التي التي لا تألوا جل الأحزاب
جهدا في إظهار الولاء المنافق لها ، لغة وأشخاصاً، لاستعمالها استعمالات غير شريفة،
ومهما كانت مسببات تهافت المتصارعين من الحكام والسياسيين، على إقحام "الأمازيغية"
في سجالاتهم ومهاتراتهم وتنافسهم لكسب ود الأمازيغ ، ككثلة ناخبة لا يستهان بها ، داخل
الأحزاب وخارجها ، فإنه يبقى سلوك هجين ، وإنتهازية غير مقبولة، وتملق بغيض، وتزلّف
مقيت، يعوض به المهزوزون من الساسة ، البرامج الانتخابية والتوجهات الفكرية والاختيارات
السياسية، التي من المفروض أن تكون الأساس في أي صراع حزبي لخدمة الوطن والمواطنين
..
ورغم محاولة المتنافسين على ذلك، تنزيه
أنفسهم وأحزابهم، من تهمة العنصرية ومعاداة الامازيغية، وإجهاد أنفسهم لتبرير الكثير
من تصريحاتهم المشبوهة والمسيئة للأمازيغ ، زاعمين أنها مجرد فلتات لسان عفوية ، والتي
وإن سلمنا بأنها فلتات لسان- وهي ليست كذلك- فإن علم النفس يؤكد على أن اللاشعور الفردي
والجمعي ، والذي هو جزء من الحقيقة التي لا تستطيع الظهور الواعي ، وتنتقل الى اللاوعي
الذي يفرض حضورها في الأحلام وفلتات اللسانية في تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين وقادة
الأحزاب ، التي تشكل تعبيرا عن مواقف رسمية ، تعري العنصرية الواضحة تجاه أمازيغ هذا
الوطن وتفضح العداء المجاني والمزمن ضد أمازيغيتهم، كقضية ،ولغة، وثقافة، وهوية، وارض،
وتاريخ، وإنسان، ومجتمع، وسياسة، والذي لا يمكن إلا أن يكون صادرا عن توجه حزبي استبداد
واضح..
لكن ورغم كل هذا وذاك ، وكما يقال:
"رب ضارة نافعة" فإنه المستفيد الأول
والأخير من هذا استغلال المنافق والبشع للأمازيغية ، هو القضية الامازيغية نفسها، التي
بعد أن عانت الإقصاء والتهميش لعقود طويلة، وضاق الحال بأهلها ودويها ، جاءها الفرج
من عند خصومها وأعدائها من حيث لا يحسبون، حيث طفحت قضيتها على سطح إهتمامات جل الأحزاب
السياسية ، وتقبلتها -رغم ما يكنون لها في أعماقهم من العداء كبيرا-بنفاق فكري كبير،
وتأقلمت معها بازدواجية خطابية حربائية، وتصريحات بزئبقية متناقضة، للركوب عليها، وتحويلها
إلى حصان طروادة لمعاركهم الانتخابية الضارية، وصراعاتهم الايديولوجية التناحرية، معتمدة على المكر والخديعة لتأجيل كل الاصلاحات
التي تتعلق بتفعيلها.
فيا أيها المتنافسون على السلطة ، لا تجعلوا
الأمازيغية عرضة لصراعاتكهم المفتعلة ، فالمغاربة ، عربا وأمازيغ، يشكون في جدية نقاشاتكم
حولها، لأنها غير منبنية على أسس علمية أو اجتماعية، ويعتبرونها عملا سياسويا غير نبيل
، وشعبوية منافقة غير شريف منكم، فلا تلعبوا بها كورقة انتخابية ، فالمنتظر منكم أفعالا
هو أن تحلوا مشاكل المواطن الإجتماعية المزمنة في الصحة والتعليم والشغل، أما الأمازغية
فلها شعب وملك يحميانها، وعملا على ترسيمها كلغة رسمية في دستور صودق عليه بالإجماع،
لضمن لها حقوقها ، ويقيها شرور مؤامرات كارهي دسترتها، بدعوى التخوف من "اندلاع
حرب لغوية في البلاد، وتشتيت ثقافتها وهويتها
، وتهديد وحدتها، كما إدعى الكثير من أعدائها ، الذين يسيؤهم فضل الله الذي نزل على
الأمازيغية والأمازيغ، على يد جلالة الملك محمد السادس ، مند خطابه الملكي لأجدير يوم
17 أكتوبر 2001 الذي أعلن فيه عن ظهير احداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والذي
فَتَح اللَّهُ عليهم به مِن رحمته التي لا
مُمْسِكَ لَهَا، مصداقا لقوله سبحانه: "مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ
فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ}" صدق الله العظيم..