منذ تصنيف العاصمة العلمية للمملكة المغربية تراثا إنسانيا عالميا عام 1981 من طرف منظمة اليونيسكو، انطلقت عملية الحفاظ على هذه المعلمة التاريخية من خلال إعادة التأهيل، و كانت البداية الفعلية سنة 1989، حيث رصد ما مجموعه 132مليون درهم لمعالجة هذا المشكل، و قد تضاعف هذا الرقم في الاتفاقية الجديدة الممتدة من 2013إلى 2017 ليصل 330 مليون درهم، وحسب المختصين والخبراء في المجال، العارفين بحقيقة ودرجة تدهور بناء المدينة القديمة، فإن هذا المبلغ يظل بعيدا عن الكلفة الحقيقية للإصلاح.
مشاريع أطلق عليها إسم إنقاذ ورد الاعتبار لمدينة فاس، انخرط فيها العديد من الشركاء كمساهمين و ممولين لهذا الورش الحضاري، الذي تبدو بعض معالمه من خلال المداخل الأساسية للمدينة العتيقة.
لكن يبدو أن سكان المدينة القديمة و هيئات المجتمع المدني و الصناع لا ينظرون بعين الرضا لهذا الورش، ويعتبرون إصلاح الواجهة بمثابة ذر الرماد على العيون، لإخفاء ما يعتبرونه فسادا شاب المشاريع، دليلهم في ذلك على حد تعبيرهم الخروقات والتجاوزات في كل أطوار العمل.
جريدة "القلم الحر"، زارت بعض المواقع التي شملتها إعادة التأهيل، ووقفت على بعض الاختلالات الواضحة، كما هوالشأن بالنسبة للمنزل رقم 13 الذي تقطنه السيدة أمينة الوالي بدرب الطويل حي البليدة، التي صرحت للجريدة على أن بيتها كان أفضل حالا قبل أن يدخله المقاول، حيث أضحى عبارة عن مستنقع للمياه العادمة، اختلالات أخرى يعتبرها المعنيين بالأمر من سكان وصناع تقليديين لا تنطبق مع المواصفات الحقيقية لدفتر التحملات الخاص بالمشاريع، حيث حملت أغلب التصريحات المسؤولية بالدرجة الأولى للمقاولين باعتبارهم المنفذين المباشرين للمشروع.
و حسب تصريح السيد "محمد الصنهاجي" رئيس فدرالية الجمعيات و الوداديات لجهة فاس، فإن أغلب المشاريع المتعلقة بإعادة الاعتبار لفاس، التي تشرف عليها وكالة التنمية ورد الاعتبارلفاس عرفت عدة تجاوزات، سبق للفدارالية التنبيه إليها وإلى خطورتها على سكان المدينة وعلى التراث الحضاري للمدينة، حيث راسلت الفدرالية كل الجهات المسؤولة، ونظمت بتنسيق مع السكان والصناع التقليديين مسيرات ووقفات احتجاجية في هذا الشأن، آخرها كان يوم الأحد 20شتنبر 2015 المنصرم، حيث شهدت المدينة العتيقة تظاهرة احتجاجية في اتجاه القصر الملكي، طالبت من خلالها الجمعيات و ''المتضررين'' بفتح تحقيق في المشاريع السابقة الذكر و إنصاف الفئات المستهدفة.