بقلم القاضي عادل فتحي
أشعل انتحار قاضي مراكش فتيلة النقاشات في صفوف الرأي العام بصفة عامة و الرأي العام القضائي بصفة خاصة ، و خلص الأمر إلى إدانة القاضي رحمة الله عليه من طرف مختلف المنابر الإعلامية بدون استثناء بغية إخفاء ما وراء الواقع القضائي المرير.
فالحكم الصادر عن مختلف المنابر الإعلامية و القضائية بإدانة قاضي مراكش تكتنفه عيوب واضحة حيث تتضمن حيثيات و علل دون التنصيص على منطوق الحكم في إشارة الى أن القاضي المعني الأمر حسم في قضيته بنفسه، و دلك ضدا على قواعد المحاكمات القضائية التي تنص في مثل هذه الحالة عن سقوط الدعوى العمومية نظرا للوفاة علما ان احكام الاعلام لا يمكن ان تكون محل طعن عادي و لا استثنائي ، إضافة ان القانون الجنائي لا يعاقب على الانتحار و محاولة الانتحار
فبالرجوع الى حيثيات و علل الإدانة التي اعتمدت عليها اغلب وسائل الإعلام فإنها تتمثل في تحديد ثروات الهالك بشكل غير مباشر و ظروف عيشه التى تتجلى على سبيل المثال في توفره على حارس منزل علاوة على وضعيته المهنية أياما قبل إقدامه على الانتحار ( شبهة المسائلة التأديبية ). فهل أصبحت و ظيفة القضاة بسيطة و سهلة الى درجة أضحى الجميع بمقدوره القيام بدور القاضي ام ان دور القاضي يظل بسيطا طالما يتعلق الامر فقط بالتطبيق الجزئي للقانون الجنائي لغاية في نفس يعقوب كتحصيل حاصل لفئة السجناء التي توجد وراء القضبان و التي يعتبر الجميع اغلبها ضحايا جرائم التمييز التي تغديها ظاهرة الافلات من العقاب التي تنتج على إثرها ظواهر فرعية من قبيل ظاهرة أحفاد الجريمة و ظاهرة الابتزاز التي تتفشى بشكل ملحوظ نظرا للحجم الفساد و الافساد و الاستفساد الدين ينخرون العدالة الى جانب ظاهرة اعفاء اغلب المسؤولين بشتى القطاعات عند تورطهم و العمل على نقلهم الى مناصب اخرى عوض ملاحقتهم و لو تأديبيا و غيرها من الظواهر خاصة وان الزيادة في الراتب الشهري للقضاة تبين انها ليست وسيلة ناجعة للنهوض باوضاعهم المهنية و الاجتماعية و ان عملية تبيض الارواح تظل هي الحل و البديل .
فظاهرة انتحار القضاة يتعين الوقوف عند أسبابها و محاولة فهمها تواجد هاته الاسباب بعد حصرها ، مع الاخد بعين الاعتبار بشكل اساسي عدم قدرة الذات القضائية او الوجدان القضائي اختراق المسكوت عنه في هذا المجال الى جانب الفشل الدريع بخصوص تكسير قواعد اللعبة.
فمن باب التلخيص و ليس الخلاصة فان أثمن جائزة و اثمن ثروة يمكن ان يفوز بها القاضي هي استقلاليته و انحيازه للقيم القضائية و لو بشكل نسبي و التي ترتكز في العمق على التشبت بالضمير المهني كما نستنتج من بعض الخطاب الملكية.