adsense

/www.alqalamlhor.com

2015/06/25 - 3:46 ص



كجميع التلاميذ الحاصلين على شهاذة الباكالوريا و الطموحين إلى ضمان مستقبل آمن و جميل، كان يبحث التلميذ عبدو عن مؤسسة لاستكمال تعليمه الجامعي و الظفر بشهادة تخول له ولوج سوق العمل، كيف لا وهو يحمل آمال اسرته الصغيرة التي تتكون من أبوين و أربع إخوة منتمون للطبقة الكادحة، و يعيشون براتب واحد لايكفيهم لإكمال نفقات شهر واحد .
هذه المعطيات و الشروط فرضت على عبدو أن يبحث عن طريق قصير و آمن، يمكنه من الحصول على راتب شهري داخل إحدى مؤسسات الدولة كموظف عادي، لأن أحلام الفقراء دائما ما تكون بسيطة على قدر معيشتهم، و لأن المدارس العليا للمهندسين و الأطباء و الموظفون السامون تستوجب سنوات طوال و نفقات لا تقوى أسرته توفيرها، خصوصا و أنه في هذه العطلة الصيفية، و في الوقت الذي كان جميع رفقائه ممن كانوا يدرسون معه يفكرون في السفر و الإستجمام بإحدى المدن الشاطئية أو الجبلية، كل حسب رغبته قد اتصل بأربع ورشات للبناء من أجل الحصول على عمل صيفي، يمكنه من جمع بعض المال لتوفير لوازم وحاجيات شراء ملفات التي تشترطها المدارس في الترشيح للمباريات، و كذا شراء بعض الملابس فهو اليوم لا يتوفر إلا على قميصين تحولت ألوانهما عن لونهما الأصلي بفعل تأثير الشمس الحارة .
مر أكثر من أسبوع عليه اليوم داخل ورشة للبناء الذي يعمل فيها مع احد رفاقه القاطن معه بنفس الحارة، وفي استراحة الغداء أخذ الولدان يتبادلان أطراف الحديث و بحزن جامح أخرج عبدو سجارته الملتوية من داخل جيبه و أشعلها و كله سخط على هذه الوضعية التي يعيشها، فهو حاصل على شهاذة الباكالوريا بميزة جيدة و لحد الساعة لم يجد أي ملجئ له و لشهادته في أي وسط جامعي، وكلما تذكر أحلام الصبا سالت من عينيه دمعة أو اثنتين لتآزره في قدره المشؤوم، انتهت السجارة و حزنه الدفين لم ينتهي معها هذه المرة، و في سكوت رهيب خيم على الولدين، صاح المعلم بصوت خشن متجه إلى الولدين و بنبرة قاسية كلها استعلاء قائلا : '' أنا ذاهب اليوم و عليكم حمل هذه الرمال و أكياس الإسمنت إلى الطابق الرابع و غدا لي موعد معكم''، لم يجد الولدان أي سبيل غير الإستجابة، لانهما في حاجة ماسة إلى أجرتهم اليومية التي لا تزيد عن ستين درهم في اليوم الواحد، بعد إنهاء عمل هذا اليوم القاسي، انصرفا معا لكنهما ورغم هذه الظروف القاسية فضلا الذهاب إلى أحد نوادي الاتنرنيت للبحث عن مستجدات المباريات، وفي خضم بحثهما هذا لفت انتباه عبدو  مباراة ولوج معاهد تكوين الأطر في الميدان الصحي، خصوصا و أنها تتطلب ثلاث سنوات من التكوين فقط و توظف مباشرة المتخرجين ذاخل السلم التاسع و بمرتب يقل بقليل عن خمسة آلاف درهم، لم يأخد وقتا طويلا في التفكير قبل أن يطلب ورقة و قلم و شروع في تسجيل لوازم قبول الملف، و بينما هو يقوم بتعبئة استمارة طلب الترشيح استرعى انتباهه تواجد مجموعة من التخصصات، إختار منها تخصص التخدير و الإنعاش رغم عدم توفر أي معلومة مسبقة لذيه بهذا لامجال، و لربما أعجبه فقط ساعتها مضون العنوان فقط، أو أن القدر كان يستدرجه لحيثيات قراره هذا .