بقلم الاستاذ عادل فتحي
تجيب هاته السطور بشكل غير مباشر وواضح عن سؤال عريض ومحوري من هو المخرج الحقيقي لفيلم الزين لي فيك – much loved- الذي ثم منع عرضه من الأجهزة
رغم أن هاته السطور لا تفي بالغرض ، لاكننا سنحاول من خلالها شرح معاني الإقصاء والتهميش والتنحية التي تشكل تربة خصبة لتفشي ظاهرة الإتجار في البشر الى جانب جرائم التمييز ، كما تبرز هاته السطور عوائق التنمية البشرية التي تعد المبادرة الوحيدة لترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، والحد من الإفلات من العقاب وكذلك اكتظاظ السجون مع القضاء أيضا على جرائم التمييز التي تشجع عليها مديرية الشؤون الجنائية والعفو عبر الكتب التي تمطر بها جهاز النيابة العامة بالمغرب .
ولكم نص الموضوع لتعميم الفائدة :
على غرار الاطفال والنساء والشيوخ والمعوقين اضحى السجناء بحاجة الى حماية اجتماعية بالنظر الى اوضاعهم ألا انسانية والتي تعد نتاج غياب الحوار والتسامح والأخوة بصفة عامة وغياب المواطنة بصفة خاصة هذا ادا علمنا ان نوع الجرائم والمخالفات التي ترتكب داخل السجون هي نفسها التي تقترف خارج السجون والتي تحال بشكل يومي على جهاز النيابة العامة بالمغرب فهل الامر مجرد صدفة ام ان الامر نتيجة مخطط وتدبير.
هل السجون ستظل فضاءا مفتوح يشجع على ارتكاب الجريمة ام هي برهان على ان الدولة غير قادرة على الانتقال من الخطاب والشعار الى الفعل بخصوص مكافحة بعض الظواهر كتهريب الاموال الى الدول الاجنبية والفساد المالي والاداري والتي تؤدي اضافة الى غيرها بطريقة غير مباشرة الى تفشي الاوضاع اللا انسانية داخل السجون والتي تتجلى في انعدام وسائل الترفيه والتسلية وانعدام المكتبات وانعدام التطبيب والاكتظاظ وانتشار الامراض المعدية وظهور السحاق والشذوذ الجنسي والاتجار في المخدرات والسجائر وسيادة قانون الغابة وبصفة عامة الاتجار في السجين لدرجة يمكننا ان نخلص معه الى القول بان عند ارتكاب المرء جريمة معينة يمر بمرحلتين “مرحلة تطبيق القانون وهي المحاكمة.
مرحلة عدم تطبيق القانون وهي المرحة التي يتواجد بها المحكوم عليهم داخل بعض السجون باستثناء بعض السجناء المحضوضين مما يجعل وظيفة تأهيل السجناء وإعادة إدماجهم داخل المجتمع مجرد شعارات ترفع خلال تنظيم بعض اللقاءات والندوات والتظاهرات الثقافية الخاصة بأوضاع السجناء والسجون.
ما جدوى تطبيق القانون إن كنا سننتقل الى مرحلة عدم تطبيق القانون والتي لا تنسجم في العمق مع فلسفة العفو والإفراج المقيد وإعادة الاعتبار؟
قد تكاثر الجوء الى الاضراب عن الطعام من طرف بعض السجناء لأسباب مجهولة وأخرى معلومة فهناك من يدعي ان هذه الخطوة مجرد موضة وهناك من يعتبرها مجرد احتجاج عن الظلم الذي يتعرض له السجين وهناك من يعتبرها احتجاج على اعطاب بعض السجون وهناك من يرغب فقط الى التحسيس وإثارة الاهتمام بقضيته وهناك من يحتج عن انعدام المحاكمة العادلة
إن سبب الاضراب عن الطعام داخل بعض السجون بعلة انعدام المحاكمة العادلة يبقى محل نقاش على اعتبار ان هذه الاخيرة ودون الخوض في التفاصيل تقتضي بيئة قضائية محددة وشروط معينة والتي تنعدم نسبيا بانعدام الاهداف المتوخاة من السجن والتي تكمن في اصلاح السجين وتأهيله وإعادة إدماجه داخل المجتمع كما سبق الذكر فهذه الغايات يتعين ان تستمر حتى بعد اطلاق سراح السجين الذي يتماشى مع روح استقلال القضاء بخصوص مرحلتي الوقاية والعلاج .
فالرد على التقارير التي كان موضوعها اوضاع بعض السجناء والسجون ارتبط بوضع مخطط استعجالي يرمي الى القيام بزيارات مفاجئة للسجون من قبل مفتشي المندوبية السامية للسجون للوقوف على الاختلالات التي تعاني منها بعض السجون واتخاذ المتعين بشأنها يظل في الحقيقة وفي العمق منسجما مع مضامين الدستور الجديد في شقه المتعلق بالسلطة القضائية خاصة في الباب الذي يجعل من جهاز النيابة العامة جهازا تابعا لم ينسلخ بعض من رحم السلطة التنفيذية ويجعل رقابة السلطة القضائية على السجون رقابة صورية وسطحية حيث لا يأخذ بالتقارير التي تنجزها هذه السلطة في الموضوع رغم انها تصف بدقة وجرأة الاختلالات التي تنخر بعض السجون
إن الجواب واحد حول ما يدور من اسئلة داخل الوجدان القضائي بخصوص أوضاع السجناء والسجون فهل يمكن اعتبار السجناء ضحايا عدم تحديث الإدارة وتأهيلها وترشيدها ام اننا لا زلنا لا نعتبر بعض السجناء مواطنين ولو من الدرجة الثانية وفي هذا السياق من حقنا ان نتساءل لماذا لم تحرك مؤسسة الوسيط الساكن وتبادر الى اصدار بيان في الموضوع حاد ومباشر كطلقات الرصاص بتوضيح الامور انسجاما مع ما تلوح به فادا كانت مؤسسة الوسيط ليست خصما للإدارة فهي ايضا ليست خصما للمواطن خاصة وإنها اضحت من ضمن اعضاء المجلس الاعلى والسلطة القضائية حسب الدستور الجديد.
إن الحديث عن أوضاع بعض السجناء والسجون يفرض علينا الوقوف على محتوى ومضمون بعض المفاهيم من قبيل الاختفاء ألقسري والتعذيب وغيرها طالما ان هذه الافعال تلتقي مع ما يتعرض له بعض السجناء من تجريدهم من إنسانيتهم ولو دون قصد لأسباب يعلمها إلا الله عز وجل.
متى سننخرط في حكامه جيدة وان كان هذا الأمر مستبعد ومستحيل نظرا للوضع الحالي لجهاز النيابة العامة بالمغرب ودليلا على ذلك الكتب التي تتقاطر على هذا الجهاز والتي تدعوا بعضها للحد من الاعتقال نظرا لاكتظاظ السجون وليس بفضل انخراط بلدنا في ثقافة حقوق الإنسان وقيام الديمقراطية التي أضحت من توبث المملكة حسب الدستور الجديد .
فهل يحق لرجال القانون ورجال السياسة أن يطالبوا بسن قانون جديد يجعل من الإضراب عن الطعام بمثابة جريمة معاقب عليها تتمثل في محاولة الانتحار وعلى كل حال فان الهدم في بعض الأحيان بشكل بناء خاصة في زمن قلت فيه اللحم وكثرت فيه السكاكين.
إن الدعوة الى اطلاق حوار حول اوضاع بعض السجناء والسجون هو في حد ذاته حوار حول اوضاع الشرق بصفة عامة فالحديث بشكل موضوعي عن اوضاع بعض السجناء والسجون يعد نسبيا بمثابة تاثير ايجابي على السلطة القضائية التي عليها ان تطالب بوضع يدها على الملفات الخطيرة والحساسة حتى يتسنى تحقيق مجموعة من الغايات وعلى رأسها الأمن القضائي وبالتبعية القضاء على اكتظاظ السجون وغيرها من الظواهر وبعبارة اخرى فان القاضي لن يصبح امير احكامه الا عند وقوفه على هوية الجلاد ومعرفة أن كان حقيقة أم وهم.