ذ.عبد الله بوفيم
يعتمد المخطط المائي بالمملكة المغربية على ثلاث ركائز أساسية هي الزيادة في بناء السدود أسفل السدود السابقة أو أعلاها, وبناء سدود تلية, وتحلية مياه البحر, وإعادة استعمال المياه العديمة.
لقد شرحت في مقالات وفيديوهات سابقة أن اعتماد سياسة السدود في دولة تكاد تنعدم فيها الغابات يعرض السدود لمزيد من الترسبات ويحولها لضيعات صالحة للحرث في أقل من 30 سنة.
كما شرحت مخاطر الأمطار العاصفية والتي تجمع وفي سنة واحدة أمتارا من الترسبات, تفقد السد قيمته وتجعله بلا فائدة.
وشرحت أيضا خطر ارتفاع درجات الحرارة وما يسببه من تبخر حوالي ثلث حقينة كل سد, وعليه فإن الاستمرار في سياسة السدود سيكون بلا شك سبب خراب المملكة المغربية.
وشرحت أيضا كيف أن دولة تستورد البترول والغاز ولا تصنع محطات التحلية, سيكون اعتمادها تحلية مياه البحر بمثابة انتحار وانبطاح لمن تستورد منهم الطاقة.
زيادة أن تكلفة تحلية مياه البحر مرتفعة ولا يمكنها أن تغطي كل مطالب الشعب من الماء, ولا يتجاوز مدى التزود بها المدن الساحلية دون محيطها.
أما إعادة استعمال المياه العديمة فهو الجريمة الكاملة في حق الشعب, حيث أن صب المياه العديمة في الأنهار والأودية قد يكون أثره عل الماء مقبولا في البداية, لكنه ومع توالي السنوات يزداد تركيز البول وعصارة الغائط في الماء حتى يكون مسموما, حينها فإن الشعب المغربي سيموت من تلقاء نفسه عطشا أو مسموما.
هنا سأعطي مثالا حيا للماء المسموم والذي تسمم مع مرور السنوات, ويقدم لساكنة مدينة أسا بالجنوب المغربي ويسددون فاتورته https://www.youtube.com/watch?v=3rSsG2kWRtQ
رصدت الحكومة المغربية للمخطط المائي بالمغرب مبلغ 240 مليار درهم يوزع على مدى 15 سنة المقبلة, أي مبلغ 16 مليار درهم لكل سنة.
تتوقع الحكومة المغربية تعبئة حوالي 29 مليار متر مكعب من الماء بحلول سنة 2030, مركزة بالخصوص على السدود الكبيرة والسدود التلية, وقد تناست الحكومة المناخ ولم تعره أي اهتمام, فهي طبعا لم تراعي كم ستفقد من حقينة السدود بالترسبات والتبخر خلال 15 سنة المقبلة.
المخطط المائي البديل الذي أقترحه يرتكز على ثلاث مرتكزات أساسية
المرتكز الأول: تقوية الفرشات المائية في الأودية,
حيث نحفر ثقوب مائية على نقاط الإلتقاء بين الأودية والفرشات المائية ونزودها بمصفاة تحمي تلك الثقوب من الترسبات عل النحو المفصل في الفيديو التالي: https://www.youtube.com/watch?v=CpGiC9BOfrk
كما شرحت في مقالات أخرى نشرت كلها في عمود المال والاقتصاد. تبلغ تكلفة كل ثقب مائي بقطر 01 متر وعمق 100 متر مزود بمصفاة تحميه من الترسبات, حوالي 300000ثلاثمائة ألف درهم.
خصص المخطط المائي المغربي الحالي والذي هو قيد الدراسة لعرضه على المصادقة, مبلغ 16 مليار درهم كل سنة وخلال 15 سنة لضمان الماء دون توزيعه.
يمكننا وبنصف المبلغ أي 8 ملايير درهم أن ننجز حوالي 26666ثقب مائي بقطر 01 متر وعمق 100 متر مزودة بمصفاة عل النحو الذي شرحته في الفيديو أعلاه.
معناه أنه يمكن لكل جماعة قروية أن تحصل على حوالي 24 ثقب مائي مزود بمصفاة في قلب أوديتها الكبيرة وفي السنة الواحدة.
نفترض أن أودية جماعة قروية معينة سالت في السنة الواحدة لمدة 24 ساعة فقط, ومزودة ب 24 ثقبا مائيا بقطر متر واحد.
سأقدم الفيديو التالي لكي يفهم من لم يفهموا بعد كيف تنتعش الفرشات المائة, ليسهل عليهم فهم المخطط المائي البديل: https://www.youtube.com/watch?v=derF_WiwjQY
الثقب المائي الطبيعي هذا ينعش الفرشة المائية بحوالي متر مكعب من الماء في الثانية, وهو تكون مند آلاف السنين إن لم نقل ملايين, وسبب تكونه هو أن شجرة كبيرة كانت في ذلك المكان وبلغ جدرها الفرشة المائية في باطن الأرض, ينهل منها وبعد عشرات السنين أو مئات حدث أمر فجائي أزال تلك الشجرة, كفيضان مثلا وبقي ذلك الجدر في باطن الأرض وبعد سنوات تحلل ومع جريان الوادي من جديد دفع الفتات المتحلل وسال الماء في القناة التي كونها جدر الشجرة, ووسع الماء تلك القناة مع الزمن وأصبح الجدر الذي كان يمتص الماء من الفرشة المائية سابقا هو نفسه الذي يغذيها حاليا.
للعلم فإن كل أودية الكون فيها من الثقوب الطبيعية آلاف إن لم أقل ملايين الثقوب المائية الطبيعية تنعش الفرشات المائية, لكن تلك الثقوب تكون على جنبات الأودية لا في قلبها, لأن التي في قلبها تغلقها الحجارة والترسبات, ولا تستفيد التي في الجنبات إلا في حالة حدوث فيضان الوادي.
نفترض أن لدينا في قلب أودية جماعة قروية وفي السنة الأولى 24 ثقبا مائيا محميا بمصفاة وسالت الأودية, 24 ساعة, ما الذي سيحدث؟
الثقب المائي بالطبع فيه قناة مائية قطرها في حدود سنتمترات مثلا, وكما هو معلوم من السهل توسعة قناة مائية في باطن الأرض بفعل الضغط المائي, لكن من الصعب جدا إحداث قناة مائية في باطن الأٍرض.
الذي سيحدث هو أنه حال سيلان الأودية ستملأ الثقوب المائية في غضون دقائق بالماء, وسيشكل الماء ضغطا زائدا على تلك الفرشات المائية يوسعها في ساعات أو شهور, لتسع كل قناة مائية بعد مدة تصريف حوالي متر مكعب من الماء للفرشات المائية.
وعليه يمكن لثقب مائي واحد وفي غضون 24 ساعة أن يضخ في الفرشات المائية ولو بعد سنة أو سنتين حيث سيتوسع حوالي: 1m3 x 60s x 60mn x 24h=86400m3 حوالي 86400 متر مكعب من الماء.
النتيجة, سيكون لكل جماعة قروية وفي السنة الواحدة وفي حالة جريان أوديتها مرة واحدة وفقط حوالي: 86400m3 x 24p =2073600m3 مليونين و 73 ألف و 600متر مكعب من الماء, هذا في السنة الأولى.
يتضاعف هذا الرقم مرتين في السنة الثانية وثلاث مرات في السنة الثالثة و 15 مرة بعد انتهاء مدة المخطط المائي.
معناه بعد 15 سنة يكون بإمكان كل جماعة قروية أن تضخ في الفرشات المائية حوالي 31104000واحد وثلاثون مليون متر مكعب من الماء.
بذلك تكون مجموع الجماعات القروية تضخ في الفرشات المائية كل سنة حوالي: 31104000m3 x 1111cr= 34556544000m3 أي حوالي 34مليار متر مكعب من الماء وفقط في حالة جريان أودية المملكة المغربية ولمرة واحدة ولمدة 24 ساعة في السنة الواحدة.
بالطبع كلنا نعلم أن أودية شمال المغرب تجري بمعدل أربع مرات في السنة ويستمر جريانها كل مرة حوالي ثلاثة أيام وأكثر.
وأودية الصحراء المغربية تجري بمعدل مرة واحدة في السنة لكن جريانها يستمر بمعدل 3 أيام كل سنة.
وعليه يكون معدل جريان أودية المملكة المغربية وفي السنة الواحدة هو حوالي 36 ساعة كل سنة, وبالتالي تكون مجموع الجماعات القروية في المغرب تضح من خلال أوديتها وفي الفرشات المائية وكل سنة حوالي:34 مليار متر مكعب من الماء مضروب في 3 يساوي: حوالي 102مليار متر مكعب من الماء.
وفي السنة الممطرة مثل هذه السنة ستتضاعف كمية الماء التي تضخها الثقوب في الفرشات المائية ثلاث مرات وأكثر لتصل إلى حوالي 300مليار متر مكعب من الماء في السنة الواحدة.
ميزة الفرشات المائية هي أنها تجمع الماء وتخزنه وتوزعه على كامل التراب الوطني ويكون قريبا محفوظا آمنا سليما بإمكان أي مواطن الحصول عليه, وبالطبع بعد الحصول على رخصة الحفر ويتعهد بتزويد البئر بعداد للماء ليسدد فاتورة الماء الذي يستفيد منه.
بالطبع ثمن الماء حينها سيكون للفلاحين بعشر التكلفة التي يسددونها حاليا من مياه السدود, ويكون للمواطنين بربع التكلفة التي يسددونها حاليا.
ورغم تخفيض الفاتورة فإن الدولة ستحصل على عشرة أضعاف المبلغ الذي تحصل عليه سابقا, زيادة على النتائج المبهرة التي ستحققها بضمان الماء للفلاحين قريبا منهم, حيث سيشغلون وينتجون ويصدرون ويدرون المال الوفير على الدولة.
زيادة على أن الدولة بعد انتهاء مدة المخطط المائي لن تنفق مبلغ درهم واحد زيادة بل ستجني وعلى مدى قرون ثمار مجهود 15 سنة ولن تنقص كمية الماء التي تدخرها كل سنة بل ستزداد مع الزمن بلا إنفاق درهم واحد زيادة.
المرتكز الثاني: حماية المدن من الفيضانات وتطعيم الفرشات المائية
مدننا تتوسع سنة بعد أخرى, في حين أن قنوات الصرف الصحي يتعذر توسعتها مع توسع المدن, مما يعني فشل القنوات الحالية في صرف المياه الزائدة وبالتالي فورانها في الشوارع والمنازل وما يسببه ذلك من مخاطر على الصحة العامة.
لنفترض أن مساحة مدينة كبيرة هي 50 خمسون ألف هكتار, كلها سطوح وشوارع معبدة وأزقة معبدة وأرصفة مبلطة, تساقطت على هذه المدينة وفي ساعة من الزمن حوالي 60 ملمتر من المطر.
بالطبع النتيجة ستكون غرق المدينة لأنه مهما بلغ قطر قنوات صرف مياه الأمطار في الشوارع فلن يتجاوز مترين, وسيكون القطر هذا في نهاية القنوات عاجزا عن صرف مياه المطر.
والفيديو هذا خير معبر على ما يمكن أن تعرفه أية مدينة: https://www.youtube.com/watch?v=8va3-ECc6ac
نحن في الدول العربية عامة من واجبنا أن نستفد من كل قطرة مطر, ونعرف كيف نطلب المطر من الله عز وجل لا أن يطلب المواطنون انعدامه لأنهم يرون فيه تهديدا لحياتهم.
لو أنفقنا مبلغ 8 ملايير درهم الباقية من تكلفة المخطط المائي بالمغرب كل سنة مثلا, فسننجز به كل حوالي 26666 ثقب مائي بقطر 01 متر وعمق 100 متر مزود بمصفاة. عل النحو المفصل في الفيديو التالي: https://www.youtube.com/watch?v=Zb0TUBtJNWc
نخصص من العدد هذا للمدن الكبيرة النصف أي 13333 والباقي موزع على المدن الصغيرة.
نفترض أن نصيب الدار البيضاء مثلا من العدد هو 1000ثقب مائي, كل سنة وعلى مدى 15 سنة يكون فيها 15000ثقب مائي مزود بمصفاة.
كل ثقب مائي يكون في نقطة التقاطع بين شوارع المدينة والفرشات المائية ,حيث يكون الهدف من تلك الثقوب هو ضخ مياه المطر في الفرشات المائية بعد تصفيتها, والذي سيحدث هو توسع تلك الفرشة المائة التي حفرنا عليها, لتسع بعد مدة ضخ حوالي متر مكعب من الماء في الثانية.
وبالتالي بعد 15 سنكون في باطن الأرض, أسفل مدينة الدار البيضاء مثلا, فرشات مائية مجموع قطرها هو 15000متر, وبالطبع لا يمكن أن ننجز قنوات بهذا القطر ولو أنفقنا ميزانية المغرب 10 مرات.
نفترض أن المطر تساقط على مدينة الدار البيضاء في السنة الواحدة بما مجموعه 48 ساعة وعليه بعد 15 سنة ستضخ مجموع الثقوب التي هي 15000 ثقب مائي وكل سنة ,ما يلي:
15000p x 1m3 x 60s x 60mn x 48h= 2592000000m3 يساوي حوالي مليارين ونصف المليار متر مكعب من الماء النقي الصالح للشرب والموزع على مجموع محيط الدار البيضاء والمخزن والذي يمكن الاستفادة منه في خلال نفس الثقوب.
النتيجة المتوقعة من المرتكزين الاثنين وفي السنوات الممطرة هي ضخ حوالي 600مليار متر مكعب من الماء في البحيرات المائية التي تكونت في باطن الأرض وعلى مدى ملايين السنين.
وهذا الرقم لن يحققه المخطط المائي الحالي ولو أنفق ميزانية بريطانيا, بل أجزم أن المخطط المائي الحالي لن يحقق أكثر من 10 مليار متر مكعب من الماء بعد 15 سنة وستكون بالطبع في تناقص سنة بعد أخرى.
زادة على استحالة توزيع ذلك الماء على المواطنين والفلاحين, والدليل أن أغلب السدود المغربية حاليا لا يستفيد منها أحد, منها السدود التلية التي تعد بركا لا أحد يستفيد منها غير الضفاضع والتعابين, كما بعض السدود الكبيرة جدا ومنها سد الوحدة الذي يعاني سكان الجماعة التي شيد فيها العطش لحد الساعة علما أنه شيد مند 20 سنة خلت.
المرتكز الثالث: هو استغلال المياه العديمة لإقامة محميات غابوية بضواحي المدن
في المغرب مثلا تشيد الدولة محطات لتصفية المياه العديمة بملايير الدراهم, والتصفية طبعا يقصدون بها إزالة المواد الصلبة في تلك المياه, أو أغلبها, وبعدها توجيه تلك المياه المشبعة بالبول وعصارة الغائط, لتسقى بها الأراضي الفلاحية أو تصب في الأنهار أو في الأودية لتتسرب منها للفرشات المائية.
البعض يسمع كلمة, تصفية المياه العديمة ويصدق تلك الكذبة المفضوحة, ويحسب أنه يمكن فصل البول وعصارة الغائط عن الماء. تدبر كم يحتاج مريض القصور الكلوي من ساعات لفصل البول عن دمه الذي لا يتجاوز 4 لترات.
فكم في نظرك سنحتاج لفصل البول عن الماء في لتر واحد, ثم في ملايين الأمتار المكعبة من الماء, أمر مستحيل ومن يصدق تلك الكذبة فهو بلا شك يحاول حجب الشمس بأصبعه.
لهذا لابد أن نتوقف عن صب المياه العديمة في الأنهار والأودية كما لا يجوز أن نقدم الماء العذب للمواطنين يصبوه في المراحيض, بعدها نقدمه للفلاحين ليسقوا به غذاءنا.
الحل هو تخصيص آلاف الهكتارات لكل مدينة حسب حجمها وتوزيع تلك المساحة عل حوالي 30 إلى 3000 قطعة أرضية تصب فيها المياه العديمة على حالها بدون تنقية ولا تصفية بالتناوب حيث تصب كل يوم أو كل ساعة في قطعة منها.
بالطبع نغرس تلك القطع بأشجار السدر وهي تكون مانعة للريح من تحريك الترسبات أسفلها وتنمو بسرعة, نسيج تلك الغابات ونخصصها للوحيش الغير الصالح للإستهلاك مثل الخنازير البرية والقطط البرية والثعالب تتغذى على الجدران التي ستكثر في تلك الغابات.
بعد سنوات نطلق الضباع والنمور وكل المفترسات في تلك الغابات المسيجة بضواحي المدن حيث تكون على مسافة ما بين 20 إلى 50 كلمتر.
النتيجة ستكون ارتفاع مساحات الغابات في الوطن وحماية الوحيش وإنتاج الخشب المشوك بعد سنوات, والمساهمة في تلطيف الجو, ومنع تلك المياه العديمة من تسميم الفرشات المائية وتسميم غذائنا.
لهذا أعرض المخطط المائي البديل والناجع هذا على ملك المغرب, صاحب الجلالة الملك محمد السادس, وعلى كل ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية, وأتمنى أن يطبق وبحول الله سنحقق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا).