القلم الحر
بدأت «الشركة العقارية العامة» المغربية التابعة لمجموعة «صندوق الإيداع والتدبير» (سي دي جي) إجراءات الخروج من بورصة الدار البيضاء، وبيع أسهمها البالغة 3.7 مليون سهم بعد تكبدها خسائر قدرت بنحو 2.50 بليون درهم (263 مليون دولار) في عمليات عقارية فاشلة.
وأفادت مصادر في البورصة بأن «مجلس القيم المنقولة» صادق على عمليات بيع الأسهم بين 15 حزيران (يونيو) و7 تموز (يوليو) بسعر 725 درهماً للسهم الواحد. وتشكل الأسهم 10 في المئة من رأس مال الشركة المقدر بأكثر من 13 بليون درهم تشمل أصولاً وعقارات وأراضي قابلة للاستغلال وتقدر مساحتها بنحو 3490 هكتاراً.
وكانت الشركة التابعة جزئياً للقطاع العام دخلت البورصة في 2007 خلال الطفرة العقارية في المغرب، وتضاعفت قيمة أسهمها ثلاث مرات وبلغت 2500 درهم عام 2008، ثم تهاوت إلى ما دون 700 درهم بنهاية الشهر الماضي، متأثرة بتراجع الطلب على العقار وانخفاض الأسعار وتعثر الكثير من المشاريع السكنية والسياحية التي تكبدت فيها الشركة خسائر كبيرة خصوصاً في مشروع «باديس» المطل على البحر المتوسط في مدينة الحسيمة، والمعروض حالياً على القضاء بأمر من الملك محمد السادس.
ويواجه معظم شركات العقار في المغرب صعوبات مالية كبيرة يهدد بعضها بالإفلاس بسبب تراجع أداء القطاع وشح القروض المصرفية وانحسار الطلب على العقارات الجديدة، في وقت يُقدّر الفائض من مخزون الشقق بنحو ربع مليون شقة مكتملة.
ويجري حالياً بناء 177 ألف شقة جديدة في مختلف مدن المغرب، ما قد يدفع الأسعار إلى الانخفاض في حال صرّفت تلك الشركات مخزونها لتسوية ديونها مع المصارف.
وأشارت مصادر إلى أن «الأزمة في قطاع العقار مؤجلة إلى فترة لكنها حتمية بسبب المضاربات وسوء التدبير وكثرة الوسطاء». وتطغى على سوق العقار المغربية الشقق الاقتصادية أو المنازل والفلل الفاخرة، في وقت لا يوجد ما يكفي من الشقق الموجهة للطبقات الوسطى بسبب ضعف عائد الربح وفقاً للمطورين. وتحتاج الطبقة الوسطى إلى بناء 30 ألف وحدة سنوياً لا يتوافر منها سوى 12 ألفاً.
وحذّر المصرف المركزي من صعوبات آتية وأشار في تقرير إلى «أن الطلب على العقار للسكن تراجع 13.3 في المئة في الربع الأول من السنة، وهو مرشح لمزيد من التراجع». وتقدر الديون العقارية بنحو 340 بليون درهم (نحو 34 بليون دولار)، وهي تتطور بأقل من 3 في المئة سنوياً، وكانت تبلغ 28 في المئة قبل عقد.
وأحجمت شركات عقارية عن تنفيذ مشاريع جديدة في انتظار اتضاح الرؤية، ما انعكس سلباً على سوق العمل ومواد البناء، حيث يساهم القطاع العقاري بنحو 6.6 في المئة من الناتج الإجمالي ويعمل فيه نحو مليون شخص، وتقلص العجز في المساكن من 1.2 مليون إلى 580 ألف وحدة في عشر سنوات.
وتخطط الحكومة لتشجيع السكن الموجه للإيجار في مسعى لحماية الأسعار وتمكين الشباب غير القادرين على تملك شقق بدعم من الحكومة للفئات الفقيرة والمحدودة الدخل.
وتفيد إحصاءات رسمية بأن معدلات تملك المنازل في المغرب تقارب مثيلتها في دول الاتحاد الأوروبي بنسب تتراوح بين 65 و75 في المئة حيث تقدر النسبة بنحو 70 في المئة في بريطانيا والسويد و71 في المئة في إيطاليا و74 في البرتغال و77 في اليونان وهي ترتفع إلى 83 في المئة في إسبانيا و86 في بلغاريا.
وتستبعد الأوساط أن يشهد قطاع العقار في المغرب فقاعات مماثلة لتلك التي شهدتها إسبانيا قبل سنوات لأسباب مختلفة، لكنها لا
تستبعد المرور بفترة عصيبة قد تطول لتصحيح الأسعار والجودة، وتطهير القطاع من غير المهنيين.
تستبعد المرور بفترة عصيبة قد تطول لتصحيح الأسعار والجودة، وتطهير القطاع من غير المهنيين.