سابقة أن يثار موضوع علاقة حب بين وزير و وزيرة في الحكومة الحالية من طرف
رئيس حزب معروف في تجمع جماهيري في أحد المدن المغربية التي ينتمي إليها ذات
المسؤول الحكومي . رئيس الحزب قال إن تفريق الأسر لا يحدث إلا داخل الحكومة متأسفا
على ما قام به المعني بالأمر ذاته مع سيدة أخرى كانت متزوجة و جعلها تطلق زوجها بكذبه
و نفاقه...
هذه السابقة جعلت وسائل
الإعلام تتفاعل معها سلبيا و إيجابيا في نفس الآن مع العلم أن المسألة لاتهم تدبير
الشأن العام لا من بعيد و لا من قريب، غير أن النبش في حياة مشاهير السياسة أو
الفن أو الرياضة.... تكون مادة دسمة لوسائل الإعلام و تسجل متابعة قرائية غير مألوفة
بالمقارنة مع مواضيع أخرى. فلماذا إذن التسلل إلى غيبات جب حياة الناس يستهوي فضول
القراء و المتابعة الإعلامية؟
في المغرب كما في الدول
العربية كان فضول أكثر القراء يتجه نحو متابعة حياة الفنانين و الرياضيين لأهداف
غالبا ما تكون ذاتية و سيكولوجية. غير ان حياة السياسيين الدقيقة لم تكن مادة
إعلامية إلا مع هذه الحكومة الجديدة حين انتشر خبر علاقة حب بين وزير و وزيرة
كالنار في الهشيم. فهل بات التلصص على الملك الخاص الذي يتمثل في الجانب العاطفي
للفرد/ البشر السياسي علامة على تطور ما يحدث في بلادنا بالمقارنة مع الدول
الغربية؟
لمقاربة دواعي هذا الاهتمام
و التتبع الإعلامي لعلاقة الوزيرين لا بد أن نسافر إلى بعض البلدان التي لها تقاليد
عريقة في هذا الاتجاه و نبحث عن وظيفة الحياة الخاصة للسياسيين في الإعلام.
ففي أمريكا مثلا، كل شئ مباح للإعلام في الحياة
الخاصة للرؤساء سواء كانت مزحة، حركة، ابتسامة .... فما بالك بغير ذلك، و المبدأ
الذي يستند عليه هذا التقليد هو ذلك الحق المكفول في الدستور و الذي ينص على ان
الحياة الخاصة للرؤساء و السياسيين ليست في ملكهم. فالصحافة تغطي كل تحركات الرئيس
حتى و إن كانت المناسبة خاصة به أو بعائلته. و الأمريكيون يعتقدون أن معرفة مكان
رئيسهم و حياته الخاصة في كل وقت هو جزء من المعلومة التي يحق للمواطن أن يحصل
عليها.
أما في ابريطانيا، فالصحافة
لا ترحم؛ منطلقة من لازمة أساسية و هي أن الرجل السياسي الذي يعيش من مال دفع
الضرائب يحاسب على حياته الخاصة. و الأمثلة كثيرة بهذا الخصوص، فكثير من الوزراء اضطروا
إلى الاستقالة إثر فضائح جنسية. و تعقب الصحافة للسياسيين و الأمراء و غيرهم
لحياتهم الخاصة أمر سهل نظرا لغياب أي تشريع يحمي حق ما هو شخصي و خاص. و نذكر هنا
بما وقع للأميرة ديانا حين كان رجال الصحافة يتعقبونها لأخذ صور لها مع رجل الأعمال
المصري المعروف دودي الفايد مما جعلهما يتهربان من هذه المطاردة الصحافية ونتج عن
ذلك وقوع حادثة أودت بحياتهما.
و فيما يخص فرنسا القريبة
منا، فإن تقاليدها في هذا الاتجاه غير عريقة و مازالت طرية، بحيث أن إرساء مسألة
تعاطي الإعلام مع حياة السياسيين الخاصة لا تتجاوز أكثر من عشرين سنة؛ إذ كان
الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران وراء تحول جذري في علاقة الصحافة بالحياة
الخاصة للسياسيين، ثم عرف هذا التطور طفرة نوعية مع نيكولا ساركوزي ليعزز أخيرا مع
الرئيس الحالي فرانسوا هولا ند و الذي تسللت الصحافة إلى حياته الخاصة محاولة
إزالة الغمام عن وجود علاقة غرامية مفترضة بينه و بين ممثلة فرنسية.
الإعلام الغربي بات يتعاطى
بشكل حرفي في تعقب و كشف المستور في جوانب المنطقة الرمادية من حياة السياسيين. و
لم يعد يقتصر الأمر على الدول العريقة في ذلك، بل يكاد المسح يشمل مختلف البلدان الغربية،
ففي إيطاليا أثارت علاقة برلسكوني الغرامية ضجة كبير؛ و في بلجيكا كان الكشف عن
علاقة غرامية لوزير مع فتاة قاصر طريقا لانتحاره و هكذا...
وظيفة الإعلام الغربي في
متابعة حياة السياسيين تهدف إلى إبراز الجانب الخفي في شخصياتهم و بالتالي الكشف
عن مصداقيتهم، لأنهم يتخذون قرارات تؤثر في حياة الناس العامة، و لابد أن يعرف
جمهورهم عن مدى أهليتهم و نزاهتهم و خصوصا أن لا يكذبوا أو يتلونوا أو أن يكونوا
تحت رحمة خلفيات غير سليمة اخلاقيا و سلوكيا...
و بالرجوع إلى الحياة
الخاصة للسياسيين في بلادنا نجدها أنها غير مكشوفة للعلن، لكنها في نهاية الأمر
معروفة نوعا ما و متداولة بين الناس، و في اعتقادنا أن يكشف عن علاقة حب بين و
زيرين في نفس الحزب و عن فضيحة جنسية لأحد النواب مع فتاة افتراضية من ليبيا على
شبكة الانترنيت سابقا، فهذا بداية تعاط جديد للإعلام و التجاذب السياسي؛ و ربما بداية
شق طريق جديد للكشف عن الجانب الخفي في حياة مدبري الشأن السياسي لبلادنا. و علاقة
حب تسير في اتجاه مشروع زواج ليست جريمة أخلاقية وقانونية، لكن إذا ما تطور الأمر
و أزيل الستار عن مستور باقي السياسيين فسنكون أمام رائحة نتنة تجرنا إلى إغلاق
الأنوف، و بالتالي سيتم تأسيس تقاليد جديدة كما هو الحال في الدول التي سبقتنا في
هذا الاتجاه، و من تم يصبح الإعلام بمثابة المراقب الشرعي للفساد و لتفاصيل
الخيانة و العلاقات السرية و غيرها من الفضائح و التي قد تكون طريقا لأداء الثمن في مستقبل حياتهم السياسية و أو تنحيهم عنها، وهذا
ليس بأمر غريب إذا ما قورن بالدول التي لها تقاليد عريقة في توظيف الإعلام للتسلل في حياة السياسيين الخاصة لأنهم
يتقاضون أجورهم و امتيازاتهم من الضرائب التي يدفعها عامة الناس.
المصطفى
منعوت