عبد الله العروي:
في كتابه الجديد "خواطر الصباح" (1999-2007) المغرب المستحب أو مغرب الأماني، يحملنا المفكر المغربي عبد الله العروي إلى مستوى من التفكير في مشاكلنا وقضايا مجتمعنا، بلغة بسيطة وعميقة في ذات الوقت، مستوى يجعلنا ندرك أسباب وأبعاد بعض القضايا التي نعيشها اليوم ، كما عشناها منذ حوالي ستة عقود، أي منذ استقلال بلادنا، ويجعلنا نتساءل دائما السؤال المشروع والضروري: هل نحن نتقدم أم لا؟ وهل نتقدم بالسرعة المطلوبة والضرورية لتدارك ما فات أم لا؟ وهل وهل...
أسئلة مشروعة علينا أن نطرحها باستمرار، وبدون يأس أو ملل، علنا نعثر يوما ما على جواب لها يعيد إلينا مواطنتنا وحقوقنا وكرامتنا .
من هذا الكتاب القيم للأستاذ عبد الله العروي أنقل لكم الخاطرة التالية :
" الجمعة 3 سبتمبر 1999 :
يسأل البعض: ما هو التغيير المطلوب؟ فأجيب: لا شيء سوى المهم، والمهم هو تطبيق الدستور .
تركة الحسن الثاني هي ازدواجية النظام: تقليدي في العمق دستوري في الظاهر. ولا أدل على ذلك من سلوك المسؤولين، كل المسؤولين. تصرفوا كما لو لم يكن دستور، خوفا على مناصبهم، إذ يعلم كل واحد منهم أن منصبه منحة ومنة .إذا ترك الحبل على الغارب عاد الحصان إلى مرواه. وفي ذلك مصلحة كل الشركاء .
لا بد من حسم ولا يستطيع ذلك إلا الملك نفسه، بتطبيق الدستور في مبناه ومعناه. عندها كل شيء، حتى المخزن، حتى البيعة، يؤول داخل النظام الدستوري في حين أن الدستور هو الذي يؤول اليوم في إطار البيعة التقليدية .
مثلا لا يمكن أن تتساكن إمامة المؤمنين ورقابة العلماء. في التأويل الدستوري دور الرقابة موكول للملك. فيصبح لهذا الأخير وظيف محدد مستقل عن الإدارة والسياسة اليومية. و"العلماء" موظفون لإقامة الشعائر .
لا بد من الاختيار: إما نظام إيراني وإما نظام دستوري، وبما أننا ندعي أننا نعيش تحت ضوابط دستور 1994 المعدل فالأمر ينحصر في التأويل والتصرف بمقتضاه .
إذا قيل: وماذا عن الأمية وعن مسألة الصحراء وعن انحطاط الثقافة والوعي...إلخ؟ فالجواب هو أن لا فرق بين ما يحصل داخل الدولة وما يجري داخل الأسرة. الترشيد لا يكون إلا بقرار. أما تلمس الرشد قبل الترشيد فهذا ما لا يحصل أبدا إذ القصور يمنع ظهور السلوك الرشيد .
هذه خلاصة الأربعين يوما الفارطة.لا أحد استطاع، تحت أنظار الملاحظين وعدسة المصورين أن يتصرف كإنسان حر. كما قال أحدهم: العبودية أرقى (في الواقع أحلى) من المواطنة ".
هذه خلاصة الأربعين يوما الفارطة.لا أحد استطاع، تحت أنظار الملاحظين وعدسة المصورين أن يتصرف كإنسان حر. كما قال أحدهم: العبودية أرقى (في الواقع أحلى) من المواطنة ".