لا يجادل اثنان في كون
الخط المبياني لتطور الجريمة بات في تصاعد مضطرد؛ هذا التطور لا يشمل الجريمة
المنظمة فقط، بل إن الجريمة المعزولة هي
التي أضحت تؤرق مضجع عامة الناس. فمن يريد
أن يمتهن حرفة الجريمةـ كونها مربحة بدون كد و لا جهدـ لا يحتاج أكثر من أن
يكون " مقرقبا" ليكون شجاعا
أثناء عملية التنفيذ و يتسلح بوسيلة حادة قد يتفنن في صناعتها بالكيفية التي يريد
عند الحداد أو يشتريها من الأسواق تبعا للنوع الذي يعجبه و يستهويه كي تثير الهلع و الخوف حينما يشهرها. و المستهدف
غالبا ما يكون ذلك الإنسان البسيط الذي لا حول و لا قوة له كالنساء و الفتيات...
الغريب في هذه الظاهرة هو
كون هؤلاء "المجرمين" في عمر الزهور؛ لفظتهم المدارس و احتضنهم عالم
المخدرات و أقراص الهلوسة و عانقهم الشارع، السوق، الحي و الأماكن العامة...
مدينة
الجديدة ليست بمنئى عن خطورة هذه الظاهرة؛ فتطورها العمراني و السياحي و الاقتصادي
لازمه كذلك تطور الجريمة. و من يريد أن يتأكد فلينزل إلى مستعجلات مستشفى الإقليمي بالجديدة و له ما يريد. يكاد هذا المستشفى يستقبل يوميا ضحايا "التشرميل"
. الإسعافات الأولية و ترميم الجروح الغائرة بفعل شفرة أو سكين حاد لا تنتهي في
المستشفى أو غيره من المصحات بل إن أثر الاعتداء غالبا ما يترك تشوهات جسدية جانبية
غالبا ما تفضي إلى اهتزازات نفسية يمكن أن تلازم الضحايا طول حياتهم و خاصة
الفتيات منهم .
الحد من هذه الظاهرة تستلزم
مقاربة شمولية؛ أما المقاربة الأمنية فلم و لن تستطيع و ضع نقطة نهاية لها. لأن
الإجرام ظاهرة اجتماعية تتطور بتطور المجتمعات و أبعادها مختلفة، لكن العنصر الذي
يساهم في خطورتها هو انتشار المخدرات و خاصة الأقراص المهلوسة التي تجعل من
مستعملها كائنا أجوفا، يتعطل تفكيره و تتبلد أحاسيسه و لا يعرف ما يفعل و لا يميز
بين المحظور و المباح، و ربما قد يصدم حين يستفيق على هول ما أقدم عليه حينما
كان" مقرقبا".
لذلك نناشد من هذا المنبر كل من له غيرة على
أمن و استقرار هذا الوطن و أبناء هذا الوطن من فعاليات المجتمع المدني، الجمعيات و
الأحزاب و كل من موقعه أن يتجند للحد من خطورة هذه الظاهرة و خطورة أقراص الهلوسة؛
فبدل أن يتجه النضال صوب مواضيع جانبية غالبا ما يكون أثرها عكسيا على الاستقرار و
الأمن ( تكريس مزيد من الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية) قد يكون من باب
الأولويات تعزيز فعل الحد من أسباب الجريمة بانخراط شمولي و واقعي.
الاحتكاك اليومي لرجال
الأمن و السلطة لإيقاف أبطال ظاهرة الإجرام يجعلنا ننحني إجلالا و تقديرا
لمجهوداتهم والتي تعود علينا بنعمة الأمن
و الاستقرار و التي لا تقدر بثمن. لكن مجهوداتهم يجب ان تلازمها الصرامة
القضائية وتدعمها المؤسسات المدنية .