مازالت الجريمة البشعة المعروفة بنحر سائق الحافلة بين مدينة الجديدة و
أزمور تثير ردود أفعال تكاد تكون متقاربة في مطالبة حكم الإعدام للجاني؛ و بعض
التغريدات تتساءل عما ستكون عليه حالة من
يناهضون الإعدام فيما لو كان الضحية و لدا لهم أو أختا أو زوجا.... فهل يستمرون
في نضالهم أم يعيدون حساباتهم الحقوقية؟ في نفس الفترة، و بالموازاة مع الجدل في
جواز الإعدام من عدمه في حق مرتكبي مثل هذه الجرائم، نظمت وزارة الصحة العمومية
ندوة حول " الإجهاض" برئاسة وزير الصحة.
الحدث الأول يثير قضية كبرى بات يتقاطع عندها الديني و العلمي، الحقوقي و
الدستوري، الجنائي و السياسي... و هي قضية مشروعية الإعدام في القانون الجنائي، فيما كانت الندوة تقارب إشكالية حق الحياة وتطرح السؤال العريض: هل يمكن تأسيس
قانون يبيح "مصادرة حياة مخلوق ليست له قدرة الدفاع عن نفسه في هذا الحق في
بطن أمه".
الإشكاليتان تتقاطعان عند مفهوم الحياة، فمن جهة، هل يمكن الحد من حياة
إنسان أصبح مجرما بالصدفة و ليس بالفطرة. لأن هناك أبعاد مختلفة هي التي صنعت منه
الإجرام بالصدفة، و بالتالي ينبغي رعايته و إعادة تأهيله و ليس العمل على الحد من
حياته حسب رؤية الحقوقيين. و بناءا على ذات الرؤية، ينبغي تمكين المرأة من الحق في
و ضع الحد لحياة جنينها؛ بحجة أن حقوق المرأة لا تكتمل سوى برفع جميع القيود
القانونية و الثقافية و منها قيد إسقاط الحمل غير المرغوب فيه كنتيجة لازمة لحق
الاختيار و التصرف بحرية في جسدها، و بالتالي تمتيعها بحق الإجهاض إذا كانت لها
رغبة في ذلك دون تكبيل الموضوع بالقيود المختلفة.
أيا
تكون حدود مصداقية المؤيدين ــ الحقوقيين ــ فإن الاعتبارات المؤسسة لرؤيتهم
المعرفية للموضوعين تكاد تكون متناقضة: فمن جهة، يعتبرون أن الحياة مقدسة و
بالتالي لا يجب وضع مصادرتها و وضع حد لها، و في المقابل تبرير إسقاط الجنين بداعي
رفع القيود و الظلم عن المرأة.
و بالنظر إلى توجهات عموم الناس حول مثل هذه المواضيع من خلال ما يصرف من
أراء في مختلف الأماكن، يتبين أن مواقفهم تعبر عن نوع من الحسرة و الأسف لما آلت
إليه الأوضاع الأمنية و القيمية نتيجة هذه الحقوق المستوردة ، و من تم فنظرة
الحقوقيين لا تعزز نظرة المجتمع بل تظل نشازا و لا تجد البيئة الحاضنة لها و
خاصة في ما يعنينا في هذا المقال: الإعدام و الإجهاض.
و
لست في موقع من له دراية بأثر تطور الملفات الحقوقية التي تلامس المواضيع الحساسة
في بيئة متشبعة بالثقافة العربية الإسلامية الأمازيغية، لكن الأكيد، أن هذه
الملفات لها نتائج عكسية على استقرار الأسر و المجتمع بالخصوص، فأغلب الناس يجمعون
أن تطور الإجرام لازم تطور الملف الحقوقي للأفراد و الجماعات؛ و تفكك الأسر سار في
خط متواز مع تطور ملف حقوق المرأة و الذي استقر مؤقتا عند مدونة الأسرة بشكلها
الحالي. و لأجل التنوير، نلفت عناية القارئ
إلى أحداث جرائم قتل الزوجات و الأبناء و الأصول و عمليات
"التشرميل" التي باتت تطال الزوجات من طرف أزواجهم و التي تتناقلها
مختلف وسائل الاتصال عبر ربوع المملكة.
و مما لاشك فيه، أن التقدم الديمقراطي الذي يعرفه المغرب، و كذا التغيير
السوسيو اقتصادي واكبه تطور على مستوى التشريعات و الدساتير و المدونات و التي
غالبا ما تنهل من القوانين الغربية مقابل الدعم و التمويل و يكون و راءها مناضلون
"مزيفون" للترويج لها في الأحزاب و النقابات و الجمعيات ... وإثارة الموضوعين ـ الإجهاض و الإعدام ـ ليس
في وارد استجابة لضرورة ملحة و قضية تسويق لعلة مجتمعية أصيلة و إنما تدخل في حكم مطالب
خارجية تسخر أدواتها الداخلية (العلمانيون بالخصوص) و التي بالكاد تكون مستفيدة
من هذه التجارة الحقوقية. (نورد مثالا حيا في هذا السياق؛ فخرجة حزبين معروفين لأجل المطالبة بالمساواة، دعمت
من طرف الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية و السياسة الأمنية في إطار برنامج بقيمة
70 مليون أورو موجها لدعم المغرب في ورش إصلاح منظومة العدالة) الشئ الذي يجعلنا
نستسيغ الأصوات التي تطالب بإلغاء التشريعات الإسلامية في بنود مدونة الأسرة، و
ترفض أن يقنن القرآن العلاقات الأسرية، الزواج، الطلاق، الإرث، الولادة و النسب.
التأصيل القانوني و الشرعي لقضيتي الإجهاض و الإعدام محسومين في القانون
الجنائي المغربي و إذا كان لابد من تعديل أو إضافة فيمكن أن تتم على شكل ملحق أو
شيئا من هذا القبيل كما هو معمول به دون هذه الجعجعة التي لاشك أنها تستفز المشاعر
و تخلق ارتجاجا و اهتزازا في الاستقرار الآمن المعتدل الذي يلائم هوية و مرجعية و
أسس الثقافة المغربية.
و عليه، فعلى المواطن المغربي أن لا يتفاجأ
حينما يرى السياسويين، النقابويين، و الجمعوويين قد تركوا المطالب الأساسية المتمثلة
في إيجاد العمل للشباب العاطل و فك عزلة الفقراء المهمشين في المغرب العميق و
إصلاح التعليم و الصحة ...و باتوا يناضلون لأجل تقنين أجندات ممولة كــ ( الدعارة،
المساواة في الإرث، المثلية الجنسية، الأكل علنا و جهارا في رمضان، القنب الهندي ـ
الحشيش ـ الإعدام...) و أخيرا
الإجهاض الذي يسعى من خلاله " الإجهاضيون" إلى" تحرير
الفروج و تعطيل الأرحام" كما قال أحد العلماء.
المصطفى منعــوت
و
لست في موقع من له دراية بأثر تطور الملفات الحقوقية التي تلامس المواضيع الحساسة
في بيئة متشبعة بالثقافة العربية الإسلامية الأمازيغية، لكن الأكيد، أن هذه
الملفات لها نتائج عكسية على استقرار الأسر و المجتمع بالخصوص، فأغلب الناس يجمعون
أن تطور الإجرام لازم تطور الملف الحقوقي للأفراد و الجماعات؛ و تفكك الأسر سار في
خط متواز مع تطور ملف حقوق المرأة و الذي استقر مؤقتا عند مدونة الأسرة بشكلها
الحالي. و لأجل التنوير، نلفت عناية القارئ
إلى أحداث جرائم قتل الزوجات و الأبناء و الأصول و عمليات
"التشرميل" التي باتت تطال الزوجات من طرف أزواجهم و التي تتناقلها
مختلف وسائل الاتصال عبر ربوع المملكة.