تناقلت بعض الموقع الإلكترونية مؤخرا مضمون
وثيقة استراتيجية و استخباراتية تكشف عن
سيناريو رهيب يتحضر لمنطقة الشرق الأوسط، و خاصة المملكة العربية السعودية و مصر.
خطة السيناريو تقضي بنقل نسخة من المعركة مع داعش إلى أجزاء من المملكة. و تشير
الوثيقة إلى أن جذور هذه الخطة بدأت منذ مخطط تقسيم العراق طائفيا؛ و أن تنظيم
"داعش" جزء من هذا المخطط ، بحيث يبتدئ من تمكينها من قدرة السيطرة على
مناطق واسعة من العراق و من تم تهديد المناطق الشيعية دون إسقاط الكثير منها و من
بينها العاصمة بغداد و بالتالي جر السعودية لتمويل حروب طائفية طويلة الأمد ( بدأت
بوادرها تظهر في اليمن ...). و تضمنت ذات الوثيقة ان الولايات المتحدة ستحارب
ظاهرا تنظيم "داعش"، و باطنا تعمل خلاف ذلك ( الأنباء تتحدث بين الفينة
و الأخرى على أن طائرات ترمي بالمساعدات الغذائية و الأسلحة إلى المناطق التي
يسيطر عليها داعش في العراق.). نفس الوثيقة أضافت أن القاعدة في اليمن ستسيطر على
عدد من محافظاتها و ستدعي أمريكا أنها ستحاربها و ستدفع السعودية بتحمل تكاليف نفقات
الحرب و بالتالي سيعاد إنتاج نفس المسلسل العراقي في اليمن.
و بالموازاة مع ذلك، و على مستوى المجتمع الدولي، سينقسم كالعادة
على شاكلة النموذج العراقي ؛ و ستعمل كل من إيران و روسيا على مساعدة الحوثيين في
الشمال و ستسقط كل الإجراءات و الحلول السياسية لوقف القتال و ستواصل أمريكا
الادعاء بأنها تحارب القاعدة و ستطلب دعما أكبر. مع مرور الوقت ستنهك تغطية نفقات
هذه الحروب المملكة و ستجد نفسها محاصرة من ناحية العراق و من ناحية اليمن.
و تحدثت الوثيقة عن دور الإعلام و عن الماكينة
الإعلامية التي ستتحرك دعما لهذا الفصيل أو ذاك و سيختلط الحابل بالنابل ولن تقوم
للعرب قائمة و ستكون أمريكا هي الرابحة و أخواتها هم المستفيد الأول من كل ما
سيتحقق.
غير أن الوثيقة لم تشر إلى الطريقة التي
ستتورط بها مصر، لكن الظاهر يبن أن ملامح
التورط بدأت تنقشع في الأفق من الجهة الغربية: تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا
استطاع أن ينجح في استفزاز مصر( ذبح 21 مصريا)
و جرها إلى مستنقع لا قرار له إذا لم تنتبه إلى الفخ الذي يحاك لها سواء من
سناء أو مع الحدود الليبية...
أيا كانت الجدوى من تسريب هذه الوثيقة ؟و أيا
كانت حدود صحتها من عدمها ؟ و أيا كانت الجهة التي أخرجتها و سربتها؟ فالملاحظ من
محتواها و مضمونها أن نفس السيناريو الذي دمر العراق هو نفسه الذي دمر ليبيا و
سوريا و كأننا أمام تقنية " قص/ لصق"
"copier/
coller" ؛ فالأدوات نفسها : التغطية المادية من
المال العربي، التغطية السياسية من جامعة
الدول العربية، الرعاية من أمريكا، الفتيل من النعرات الطائفية.... و آليات
التدمير ذاتها: التطاحن الداخلي ( المعارضة السياسية و توظيف الديماغوجية كالقضاء
عل الاستبداد و الديكتاتورية و تعزيز الديمقراطية)، توظيف الدين في التدمير، تدمير
المؤسسة العسكرية و ترسانتها و بالتالي القضاء على الدولة المركزية استغلال القضاء
في المحاكمات الصورية ثم انبعاث جماعات متطرفة و متطاحنة...
و حين نسافر مع الزمن القريب ونتذكر كلمة
الراحل امعمر القدافي في دمشق حول تخاذل العرب مع العراق و إعدام صدام حسين وحصار
أبو عمار... حيث قال " سيأتي عليكم الدور واحدا واحدا " و اهتزت القاعة
ضحكا، و قضي الأمر، و انقلب المضحك إلى
تنبؤ حكيم سيحسب في ميزان حسنات صاحبه و سيسجله التاريخ بمداد من الفخر. و ها نحن
الآن أمام تساقط من كان يضحك آنذاك، و الأدهى، ليس الزعيم هو من يسقط فقط بل خيرات
المنطقة و استقرارها و بنيتها و ثراتها و معالمها و تقدمها... و كأن اليوم الذي
أعدم فيه صدام حسين ــ يوم عيد الأضحى ــ هو ذالكم اليوم الذي كان بحق ترجمة للمثل
العربي الشهير " أكل الثور الأسود يوم أكل الثور الأبيض" .
المصطفى منعــوت