في عز
الانتفاضة الليبية، طرح الراحل امعمر القدافي السؤال الشهير " من أنتــــم؟
" على من كانوا يدعون "ثوار ليبيا " . هؤلاء "من أنتم " هم من دمر ليبيا و
مازالوا يدمرونها و لا أفق لنهاية هذا التدمير. فمن أنتم يا من شكك في ماهيتكم و
أصلكم و نسبكم...؟ هل أنتم ليبيون ؟ إذا كنتم كذلك ، فنحن أحق بمشروعية الانتماء
أكثر من الليبي إذا كان يدمر لأجل التدمير. نحن أولى بأن نكون ليبيين إذا كنتم
أنتم لا تغارون على سلامة و أمن و استقرار أهلكم و وطنكم. نحن نتألم و نتحسر لما
آلت إليه ليبيا"تكم" بفعلكم. فمن أنتم بالفعل إذا كان جراح و نزيف بلدكم
لا يحرك فيكم إحساسا؟ لو بعث صدام لانتصب بكل
شجاعة أمام " الدواعش" مستفسرا عن ماهية هؤلاء القوم الذين أبادوا الشجر
و الحجر، و لم يكتفوا بذلك بل ذهبوا أبعد ليزيلوا و يدمروا كل ما هو جميل و كل
ماهو قيمي و كل ماله بعد حضاري و تاريخي... فكل ما وقع لآثار الموصل من طرف "
الدواعش" يجعلنا نطرح عليهم السؤال و بإلحاح " من أنتــــم؟ " : إذا كنتم مسلمين فجل
المرجعيات الإسلامية تتبرأ منكم و من
أفعالكم؛ فدار الإفتاء المصرية كمثال أدانت ما أقدمتم عليه من تدمير للآثار و
التماثيل التاريخية الآشورية بمتحف الموصل. و لفتت انتباهكم ـ إذا كانت لكم عقول
تفقهون بها ـ أن مثل هذه الآثار لها قيمة إنسانية و تعبر عن حياة الناس و المجتمع
قبل مجئ المسيح و الإسلام بقرون ، لها بعد كوني و ليست في ملكية أحد و المساس بها
ينم عن جهل بالدين . فهل أنتم أفقه من الفاتحين المسلمين الذين و جدوا مثل هذه
الآثار و غيرها و لم يصدروا أي فتوى أو أي رأي شرعي تجيز أو يجيز تدميرها و
إبادتها. فـ"من أنتـــــم؟ " إذا كنتم مسيحيون، فالعالم
المسيحي يستنكر أعمالكم و يستخف طرق تفكيركم و يحاربكم. فــ " من أنتـــم "؟ الملحدون يخشون إرهابكم و
إجرامكم و يعتزون بأنفسهم إذا كان الدين يجيز ما تفعلون ؛ فــ " من أنتـــم
" ؟ أمريكا و إسرائيل تحاربكم و
تعبئ العالم ضدكم. فــ " من أنتـــم " ؟ الملايين من البشر مهووسون
برعبكم و قسوتكم و إرهابكم . فــ " من أنتــم " ؟ أنتم تكرهون كل شئ، حتى
أنفسكم، تقتلون و تحاربون و تكرهون السني، الشيعي، المسيحي، الكردي، اليهودي،
الملحد، العلماني، و.... من هو ذا الإله الذي تستمدون منه تعاليمكم، و من هو ربكم
الذي علمكم كراهية المخلوقات و كراهية الحياة و كراهية الأموات... فــ " من
أنتـــم " ؟. تتوعدون الكل بأنكم قادمون،
و الكل يرد عليكم بصيغة المفرد " لكم
دينكم و لي دين" فــ "من أنتـــم" ؟ و من أين جئتم. لا نريد جوابا فلسفيا يقارب فلسفة
و جودكم ، لأننا كبشر، غير معنيين بكم و
لا بأجوبتكم؛ و لكن نريد حقيقة مكر من أوجدكم. هذا الذي هندس و جودكم و صنع
جغرافيتكم هو من ستكون له مشروعية الجواب الشافي و الكافي عن " من أنتـــم
" ؟ أنتم أداة و ليس ذات، أنتم
"روبوهات" مبرمجة، مسيرون لا
مخيرون، لا عقل و لا روح لكم . أخيرا، سنستأذن ، بعد
الاعتذار، من إيليا أبو ماض، لنصادر بيته
الشعري من سياقه الحقيقي و يسمح لأحد من " من أنتم " ؟ ليجيب عن السؤال
المركزي في هذا المقال فيقول: جئت و لا أعلم من أين و
لكني أتيت و لقد أبصرت
قدامي طريقا فمشيت.