ضربة تلو الأخرى؛ يتلقاها قادة البوليساريو الانفصاليين في مخيمات تيندوف أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، فالاحتجاجات المناهضة لهم والداعية إلى الوحدة الترابية للمملكة، وعودة المختطفين إلى ظلال وطنهم الوارفة، بدأت تكبر ككرة الثلج المتدحرجة.
فالاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات التي أصبحت السمة السائدة بالمخيمات، باتت تهدد مختلف مناحي الحياة بمخيمات تشكل بحد ذاتها تهديدا حقيقيا على ساكنتها نتيجة الظروف المأساوية والمزرية التي تطبعها، والتي ساهمت إلى حد كبير في خلق نوع من التمرد على الواقع لدى غالبية سكانها، زاد من حدته اكتشافهم شيئا فشيئا لحجم المؤامرة التي تستهدفهم من قبل قيادة البوليساريو التي لا تولي جهدا في سبيل إطالة معاناتهم داخل المخيمات، فضلا عن سعيها للاتجار بإنسانيتهم وبالمساعدات والمعونات الموجهة إليهم.
غير أن أكثر ما يزعج الانفصاليين هو اعتماد ساكنة المخيمات على مبدأ المباغتة والتنويع، فكانت صدمة اليوم الأكثر رعبا، والأعمق تأثيرا، حيث استفاقت مخيمات تيندوف هذا الصباح على وقع عملية إلقاء الأعلام المغربية وملصقات ومناشير وصور للملك محمد السادس في العديد من درج الانفصاليون على تسميتها بالولايات والدوائر.
العملية تأتي بعد الأولى التي عرفتها مخيمات لحمادة في شهر أبريل 2014، وتعتبر سابقة من نوعها من حيث دخول صور الملك على الخط وهي الرسالة التي أراد بها الشباب الصحراوي إيصالها إلى عاهل المغرب قصد العمل على وضع حد لمعاناتهم وكذا بهدف إثارة الرأي العام حول ما يعانونه من مآس وتدنيس لكرامتهم الإنسانية والمتاجرة بقيمهم من طرف قيادة البوليساريو بمباركة الجزائر.
العملية قامت بها مجموعة من الشباب الصحراوي منضوية تحت اسم حركة شباب "كفاية" (ح, ش, ك) حيث تعلن دعمها التام لمقترح الحكم الذاتي التي تعتبره حلا معقولا وواقعيا يضمن لهم حياة كريمة ويعجل بلم شملهم مع عائلاتهم بالصحراء المغربية.
فقد أشار شهود عيان أن حالة من الغليان تعم حاليا المخيم حيث تم تعزيز جميع "الولايات" بعناصر الأمن، والتي تم تكليفها بإزالة الأعلام المغربية وجمع المناشير والصور والملصقات بالسرعة حتى لا يلاحظها السكان، خصوصا أن المخيمات تشهد وجود وفود أجنبية كثيرة تشارك في بعض التظاهرات، وكذا عشية الاحتفال بذكرى إعلان الجمهورية الوهمية.
وتوقع مراقبون أن تشهد السنة الجارية تطورات هامة على صعيد ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، من خلال إنهاك الانفصاليين داخليا بالاحتجاجات المتواصلة والمتنوعة، وهو ما سيؤدي إلى اتضاح الصورة أكثر لدى المجتمع الدولي الراغب في إنهاء الصراع الذي اختلقته الجزائر قبل أربعة عقود، وكان من نتائجه خلق بيئة حاضنة للارهاب وتجارة المخدرات، باتت تؤرق منطقة الصحراء الكبرى وجنوب المتوسط، فضلا عن أوروبا، التي بدأت التفكير الجدي في وضع حد لمعاناة الصحراويين المغاربة، قطعا للطرق التي توصلهم إلى اليأس المتمثل في بقائهم فريسة لأفكار الغلو والتطرف، بدل انصهارهم في المجتمع المغربي المتطلع إلى المستقبل بأمل وتفاؤل .