عرفت مدينة الجديدة خلال السنوات الأخيرة نموا ديموغرافيا وتوسعا عمرانيا
مُهما نتيجة منشآت سوسيو اقتصادية تم
خلقها بالإقليم وعلى رأسها ميناء الجرف الأصفر وما شُيد به من مُركَبات صناعية،
وحي صناعي ضخم بالجهة الجنوبية من المدينة
ومُركب مازكان السياحي بالحوزية ، إضافة إلى الكلية المتعددة التخصصات وإمكانيات
الإقليم الاقتصادية و الطبيعية ، مما جعل من المنطقة قبلة للمستثمرين والمقاولين
من جنسيات من مختلف بقاع العالم ويد عاملة مؤهلة وأخرى في حاجة إلى التأهيل من
داخل الوطن، تم تهميشها بشكل مخالف للوعود
نتيجة انتمائها النقابي ومطالبها بتحسين ظروف عملها ، ليتم تعويضها بأخرى جُلبت من تركيا والفلبين
والهند وبنغلاديش وباكستان ومصر وغيرها من الدول المعروفة ببخس أجر عمالتها وقبول
عيش عمالها في ظروف مهمشة وقاسية تفتقر للحد الأدنى من شروط العمل ، مما تسبب في
ضعف استفادة العمالة المغربية بالمنطقة من هذه المنشآت السوسيو اقتصادية التي خلقت
من أجلها ، وزاد من تكريس واستفحال الوضع الاجتماعي لشريحة مهمة من أبناء هذا
الإقليم الذين وعدتهم الجهات المسؤولة بأحقية التشغيل بعد أن احتجوا على مساطر نزع
ملكياتهم وتعويضهم بشكل رمزي بدعوى المنفعة العامة ليتم مباشرة بعد تشييد
منشآت عليها خوصصتها أو منحها لمستثمرين أجانب تشجيعا لهم على استثمارهم بالمنطقة
.كل هذا نتج عنه مشاكل بالجملة داخل المدينة بصفتها القطب الحضاري الأول على المستوى الاجتماعي والبيئي دون أن ننسى
الجانب الثقافي والرياضي، حيث بزغت ظاهرة التسول بشكل مريب وانتشرت حالات اليأس والانتحار داخل أوساط
الساكنة ، وتعددت أنماط الجريمة وكثرت
الوقفات الاحتجاجية للطلبة المعطلين ومحتجي حركة 20 فبراير ، والعمال الذين تم تسريحهم
من المنشآت الصناعية دون سند قانوني وجرى الاستغناء
عنهم دون تعوبض ، بعد أن نخرت هذه الشركات المشؤومة جسم معظم العمال
المنتسبين إلى المنطقة ، وغيرها من الظواهر الاجتماعية الشاذة والناتجة عن وضع
شاذ...
كل هذا يحيلنا إلى الحديث عن المجهودات "الجبارة"
التي بذلها ويبذلها المجلس البلدي للجديدة في إطار صراع دائم ومفتعل بين أعضاءه أثناء
مناقشة جداول الأعمال في كل دورة أو عند محاولة تمرير قانون مالي أو تفويت وعاء
عقاري ، فتعطلت مصالح البلاد والعباد في انتظار القادم من الأيام وتم التوقيع على صفقات مثمرة في الظاهر مشبوهة
في الباطن مع مستثمرين وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين لتوفير الأجواء اللازمة
والضرورية من سكن وطرقات ومرافق عمومية ونقل حضري ومشاريع بيئية في إطار استراتيجية واضحة المعالم تمكن المدينة
من السيطرة على الوضع االكارثي الذي أصبحت تعيش عليه . فنجد مثلا الطرق معبدة
بالحفر دون أن يسلم أي شارع أو زنقة
بالمدينة وكأن الجماعة عملت على برمجة حفرة لكل مواطن، و الأرصفة تم تفويتها لأبناء العمومة النازحين إلى المدينة عبر سيدي اسماعيل وغيرها
من القرى المجاورة إما لفرشها وعرض السلع
عليها أو منحها للتجار قصد إضافة مساحتها لمحلاتهم التجارية بتطويقها وجعل باب لها
بشكل يثير التقزز والاشمئزاز في إطار عملية انزال منظمة استعدادا للإنتخابات
الجماعية المقبلة،كما أن جل شوارع المدينة أصبحت محطات تابثة ودائمة غير مؤدى عنها
لحافلات نقل مستخدمي منشآت الجرف الأصفر مما يزبد من تلوث وتشويه جمالية المدينة ،والتي
أصبحت كذلك منبتا للبنايات السكنية التي لا يحترم أصحابها بنود دفتر التحملات الموقع
مع الجهات المسؤولة عن قطاع البناء. وهي التي تفتقر إلى دور الشباب وملاعب القرب ودور الثقافة والمستوصفات الصحية
وغيرها من المرافق العمومية الضرورية ، بل هناك من المنعشين العقاريين من دفع به
الجشع إلى استغلال مساحات خضراء وممرات داخل التجمعات السكنية لإقامة عمارات
إضافية عليها، زيادة في الربح ، في صمت رهيب و دون رقيب أو حسيب . كما أن النقل
الحضري عاش السكان بسببه مشاكل عويصة منذ عقد من الزمن ولازالوا يعيشون ،رغم الترخيص مؤخرا لشركة
الكرامة للنقل الحضري، وذلك بفسح المجال و عدم إلزام أرباب الطاكسيات مثلا باحترام
القانون المنظم لهذه المهنة خوفا منهم ،ومن جمعيتهم وتجمعاتهم ووقفاتهم
المعرقلة لحركة السير والجولان ، إضافة إلى المشاكل اليومية التي يتسبب
فيها سائقو سيارات الأجرة لمستعملي الطريق
،وفوضى الوقوف والتوقف المتكرر لها دون احترام لقانون السير وسط الشوارع والطرقات.
كما أن السياسات ( إن كانت هناك سياسات ) المتبعة والتي تفتقد في الغالب إلى دراسات مسبقة
، تقوم على الارتجال و تتسبب في بوار وكساد وجمود خانق للحركة والتنقل وكمثال عن
ذلك الحواجز الإسمنتية التي تم وضعها الصيف الماضي بمناسبة تنظيم سباق السيارات وسط
المدينة والحرج الكبير الذي تسبب فيه طيلة أيام الإعداد للرالي وأثناء إجراء
أطواره وكذا تنظيم مهرجان الجوهرة وما شابَهُ من مشاكل بسبب الارتجال وسوء التنظيم
... يضاف إلى كل ما سبق وفي إطار الحديث دائما
عن الوضع المتردي الذي صارت تعيشه المدينة
،ضعف مرد ودية جل المشرفين عن الشأن المحلي من منتخبين وإداريين وغيرهم حيث كلما
انتقد شخص ما وضعا ما طُلب منه الالتحاق والمساعدة وضمه إلى طاقمهم لإسكاته أو تعجيزه
.
وفي الأخير لا يسعني إلا أن أطلب من مجلسنا البلدي الموقر والذي نصب
نفسه مسؤولا بشكل أو بآخر عن الشأن المحلي للمدينة، مثله مثل كل من سنحت له الظروف
ليقرر في حاضر و مستقبل هذه المدينة .... ولم
يسلك مقاربة يتوخى من خلالها خدمة الساكنة
والمدينة بصدق وأمانة،الرحيل عن أرضها و سمائها ، عن شواطئها و شوارعها وعن
مشاريعها وبرامجها ، لأنهم مهما ظلوا جاثمين عن أنفاسنا لن يكون مصيرهم غير الزوال
بإذن الله ، فهم عابرون في كلام عابر ولن يرحمهم التاريخ إن ذكرهم، حيث سيصنفهم لا
محالة ضمن مزبلته في خانة التهميش والإهمال ،وسيُذِكِرهم بإساءاتهم المتكررة، الممنهجة
أو المرتجلة لهذه الجوهرة التي لا مثيل لها في المغرب . والرحمة كل الرحمة للمنتخبين
السابقين الشرفاء والغيورين ،الذين عاشوا من أجل هذه المدينة فقراء وماتوا فقراء ...