عبد السلام أقصو.
" العلم نور و الجهل عار " ، هي في الأصل قاعدة، لكن في المغرب استثناء ، فالحق سبحانه حث الإنسان على طلب العلم ، وخصه وكرمه بأول أية تنزل في القرآن " إقرأ ، بل و رفع من شأن العلماء وبوأهم مراتب الأنبياء .
إن للعلم لفضل كبير فيما وصلت إليه البشرية، من تقدم و رفاهية وازدهار، وتطور علمي و تقني، بظهور جيل جديد من التقنيات و الأدوات و علوم و معارف، فالعلم يرتقي بصاحبه و يكسبه هيبة ووقار، فما سقطت الأمة ( العربية ) إلا بتخليها عن العلم و المعرفة.
وللعلم مراتب ، كما للعلماء رتب ، العلم الذي ينفع ويسمى صاحبه العالم العامل وهو من يدرس لأجل استثمار معارفه و مكتسباته و تلقينها ، أو توظيفها على مستوى الفرد (الأسرة ) أو الجماعة ( المجتمع)، وبالتالي الاستفادة من أفكاره و تصوراته ، والتي قد تفيد و تعمل على الترغيب في التعلم و بالتالي الإسهام في نشر الأفكار والمعارف ، قد تفيد و تخفف من تخلف المجتمعات .
وفي الصنف الثاني العلم الذي لا ينتفع به ، و كما يقال بالعامية " كاين لي عندوا راس كايفكر به ، و كاين لي عندوا ها متقل به " ، وهذا الصنف من العلماء الذين لا ينتفع بعلمهم ، إما عن طريق الكتمان ، أو عن طريق سلوكيات معينة ، و فيه قال عليه السلام : من كتم علما يعلمه ألجمه الله بلجام من نار ، فالانتفاع بالعلم يكون إما عن طريق التلقين أو عن طريق السلوكيات الممارسة في الحياة العامة.
قيل في مثل أمازيغي : " واخا ور قريخ وعيخ " ، رغم أني لم أدرس فأنا إنسان واعي ، هي حقيقة ، فالوعي لا يحدده المستوى التعليمي ، وليست له معايير محددة ولا سمات معينة تقتضي التفرقة بين العالم و الجاهل ، فالبعض وحتى يلبس لباس الثقافة ، من خلال حديثه تراه يمزج بين لغات العالم فرنسي و عربي و إنجليزي ولا يتقن أي واحدة منهم ، مشكلا بذلك خليطا من العقد النفسية، ومعبرا من خلالها على الفقر الثقافي للمجتمع و هروبا من واقعه المرير ، فالعكس هو الصحيح يجب الافتخار باللغة العربية الفصيحة ، و حتى العامية المغربية ، و إعطائها قيمتها التي تستحق فهي لغة القرآن ، و لغة غنية بمعجمها و مرادفاتها و دلالاتها .
و الوعي قد يقترن أحيانا بالضمير الإنساني ، ويسيطر عليه لا على مستوى العقل والتفكير ، و لا على مستوى الكلام و السلوكيات ، فالضمير عندما يستثمر في المهن تمارس بأخلاقية و إتقان و تكون ذات جودة ، فلو كان هناك ضمير مهني ما ارتفعت الرشوة ارتفاعا صاروخيا ، وما انتشرت الإعاقات ، في صفوف المرضى الذين عانوا من مشكل الأخطاء الطبية ، و ما كان ( لحرب الطرق ) محل في القاموس العربي المغربي .
الضمير الأخلاقي والإنساني مغيب إلى حد ما في المجتمع العربي، فلا حرج أن تنتظر لساعات أمام باب الإدارة ، من أجل قضاء غرض شخصي معين ، وتكون الأولوية لفلان لأنه شخصية مرموقة ، أو لفلانة لأنها زوجة فلان تلك الشخصية المرموقة ، " وا موت نتا " .
الصحافة على حد قول الحسن الثاني رحمه الله " لا تنمية بدون إعلام قوي " ، هي أداة لتسريع التنمية و الدفع بالوطن إن كان ، نحو التنمية والتقدم و تحسين الأوضاع الاجتماعية و الصحية ... ، لكن في الحقيقة هي مجرد مقامرة يقودها الإعلامي أو الصحافي النزيه، الذي يبحث عن الخبر أينما وجد، و ينقله بأمانة و مصداقية، يزعج بها أصحاب الضمائر الميتة العفنة ، التي تعمل جاهدة على التضييق عليه ، ونصب فخاخ لعله يقع في أحداهن ، و يستريح الشر من خيره .
صدق القول فيك يا أمة العرب :
ناموا، ناموا، ولا تستيقظوا فما فاز إلا النيام.