ادريس ورزكن.
يا لبخته! لقد استيقظ على غير عادته باكرا، إنها الحادية عشر صباحا، أراد أن يستفيد من "الساعة" التي زادتها الحكومة في الزمان فقرر أن يمدد من نومه حتى الثانية عشر و النصف ...
عندما ينام يستحيل إلى شبه جثة هامدة تملأ المكان بعاصفة من الشخير ... لا أحد في المنزل ينازعه في هذا البيت، و يا ويل من فكر في تحريك أصبعه في الهواء عندما يكون نائما .
تأتي أمه العجوز لتوقظه حتى لا يلصق النهار بالليل و ينام ليلتين كاملتين، لو حدث هذا في مكان آخر في العالم لاستفاق و الناس حوله يتلون الصلوات لقبره إلى يوم الدين... صياح الأم بجانبه لم يجدي نفعا، ففعلت ما تفعله كل يوم: "عصى مكنسة" هي السبيل الوحيد لإيقاظ ذاكرة لا يملؤها سوى النوم و "التشرميل"، أشاح بوجهه مستنكرا:
- خلينا أ الواليدة نعسوا!
- نوض راه الجوج هادي..
- إوا يالله الواحدة القديمة... خلينا نعسوا شوية...
- أتا نوض أ المسخوط راه الثلاثة الجديدة هادي..
لم يستسغ إصرار الأم التي ظلت تكزه بالعصى بين الفينة و الأخرى ، لو كان أحد غير الأم يفعل هذا لكان أول من يبدأ به "تشرميل اليوم"...
ينهض متثاقلا فيتوجه رأسا صوب الحمام... يعود ليجد أخته قد هيأت له مائدة الطعام، يأكل حتى التخمة و لا ينسى أن ينهر أخته و أخيه الصغير أيضا حتى من دون سبب:
- شتي أنت شي نهار غادي نعلقك من وذنيك
أحد لا يرد عليه، فهم يعلمون أنه "معندوش مع بنادم" ...
لقد شبع..، يزيح عنه المائدة بجرة قدم، يتخطى الخبز و الطاجين، يقذف بكرة أخيه الملقاة على الأرض، تصطدم بالجدار لترتد نحو "الساعة الكبيرة" و تسقطها على الأرض أشلاءًا فيتردد صداها حتى يسمعه الجيران: ها قد استفاق "المتشرمل" خالد...
يمضي ساعة و نصف الساعة في ترتيب شعره: قصه و رطبه، سرحه و شده، فغدا كأنما خريطة " بوتسوانا" قدر لها أن ترسم فوق رأس هذا " المتشرمل" المتمرد...
تباهى بنفسه أمام وجهه في المرآة و هو ينظر إلى ساعته النفيسة و قميصه الثمين و حذاءه الغالي، لا يشعر بالعار أبدا من كون تلك الساعة ملك لرجل فقير يتاجر في بيع الساعات اليدوية، أو تلك "السرفيتة" التي اختلسها من محل لبيع الأثواب الفاخرة، أو تلك "السبرديلة" التي أرغم صاحبها على نزعها بقوة السيف... أبدا لا مجال لتأنيب الضمير ... ماذا ينقص لتكتمل البهية: السيف... السيف يا عنتر!!
يعود إلى فراش نومه، و بقبضة يزيح أخته المنهمكة في جمع فراش "مشرمل الدار"، يستل السيف من تحت المخدة، يضعه رأسا في ظهره حتى تحت الحزام، و ينطلق بدراجته نحو المجهول...
الوقت ليس مناسبا ل "العسة" في "راس الدرب" لذلك يتجه صوب زميله "المتشرمل" هشام لينطلقا على متن دراجته النارية صوب زاويتهما المفضلة ليجردا من يمر منها مما يملك و ما لا يملك...
يعود بالليل ثملا، يندفع نحو الباب، يركله مرات قبل أن يتذكر أنه مغلق فيشرع في فتحه، و عندما يدخل ينسى أن يغلقه (ربما في ذهنه المثل القائل: دار السارق لا يسرقها أحد)، تتكفل الأم بغلق الباب بعد أن أيقظتها زمجراته من تحت الغطاء...
تتقاذفه الجدران، يندفع نحو الداخل، يتعثر بشيء في الطريق، يركله أمتارا قبل أن يسقط إلى الوراء، يحدث ضجة يستفيق على إثرها الجيران: ها قد عاد "المتشرمل" خالد...
ملحوظة: المتشرمل المزور هو الذي يلقي نظرة على الفيس بوك قبل أن ينام ، و يقتسم صوره مع الآخرين، أما الحقيقيين فلا يعرفهم إلا ضحاياهم.....