بقلم الأستاذ حميد طولست.
الأمر الذي انتقده المحامي ورئيس
الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، معتبرا ان منح شهادة طبية بـ
30 يومًا من العجز لقائد تمارة، ليس سوى "الشجرة التي تخفي الغابة"، في
إشارة إلى الفساد المستشري في مجال الشواهد الطبية والخبرة القضائية. حيث أوضح
الغلوسي أن العديد من المواطنين فقدوا ممتلكاتهم وتعرضوا للتشريد نتيجة تقارير
خبرة قضائية مشكوك فيها، مشيرًا إلى أن بعض الأطباء والخبراء القضائيين ينجزون
تقارير "تحت الطلب"، تقلب الحقائق، وتحول الجناة إلى ضحايا، والعكس.
وأضاف أن بعض هذه التقارير كانت سببًا
في إدانات جنائية جائرة، حيث يُتهم أشخاص بجرائم خطيرة بناءً على شهادات طبية غير
نزيهة، تدّعي وجود عاهات مستديمة في حين أن الحقيقة مغايرة تمامًا. ولم تسلم
الدولة نفسها من تداعيات هذا الفساد، حيث أكد الغلوسي أن بعض الخبراء يستغلون
نفوذهم لإعداد تقارير مغلوطة، تُمكّن بعض الأطراف من الحصول على تعويضات خيالية
على حساب المال العام، مما يشكل استنزافًا خطيرًا للموارد العمومية ، الذي إذا
استمر التساهل مع ممارساتها، فسنجد أنفسنا أمام وضع يتحول فيه أي احتكاك بسيط إلى
حالة "عجز مزمن"، وأي مشادة كلامية إلى "إعاقة دائمة". لذا،
لا بد من وضع حد لهذه الظاهرة عبر تحقيقات شفافة تطال كل الأطراف، من مقدمي
الشهادات الطبية المشبوهة إلى المستفيدين منها. كما يجب إعادة النظر في المعايير
المعتمدة لإصدار شهادات العجز الطبي، وضبطها بحيث تكون مبنية على أسس علمية لا على
اعتبارات أخرى.
إن محاربة التلاعب بالشهادات الطبية ليست مجرد مسألة قانونية، بل هي خطوة ضرورية للحفاظ على ثقة المواطنين في مؤسساتهم. فكلما تمت محاسبة المتورطين في هذه الممارسات، اقتربنا أكثر من نظام صحي وقضائي أكثر نزاهة وعدالة.