adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/03/30 - 4:28 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

منذ عقود، اختارت جنوب إفريقيا أن تسير عكس منطق التاريخ والجغرافيا، متبنية أطروحة الانفصال في الصحراء المغربية، مستندة إلى ما تسميه "مبدأ تقرير المصير". غير أن هذه الدولة، التي نصبت نفسها وصية على هذا المبدأ في المنطقة المغاربية، تصم آذانها أمام مطالب الانفصال داخل أراضيها، خاصة تلك التي تنبع من إقليم كيب الغربية.

في الوقت الذي تستميت فيه جنوب إفريقيا في دعم الكيان الوهمي في الصحراء المغربية، وتؤلب المحافل الدولية ضد وحدة المغرب الترابية، نجدها ترفض رفضًا قاطعًا أي حديث عن حق تقرير المصير لمواطنيها الراغبين في الانفصال. حركة "كيب الغربية"، التي تضم نسبة كبيرة من السكان الأفارقة البيض، رفعت مطلبها بوضوح مطالبة باستفتاء حول استقلال الإقليم، بل وذهبت أبعد من ذلك بإعلان نيتها إرسال وفد إلى الولايات المتحدة الأمريكية الشهر المقبل للقاء مسؤولين أمريكيين، بحثًا عن دعم دبلوماسي وتمويل لحملتها.

لا يمكن النظر إلى هذه المستجدات بمعزل عن الموقف المغربي، فجنوب إفريقيا التي طالما تبنت خطابًا مزدوجًا باتت اليوم تواجه انتقاما غير المقصود للقضية المغربية ، متمثلا في المطالب الداخلية المشابهة لتلك التي حاولت الترويج لها ضد المغرب ، وكأن القدر يسوق لها درسًا عمليًا مفاده: "كما تدين تُدان"، ليعود إليها ما كانت تسوّق له من مزاعم بشأن تقرير المصير، ولكن هذه المرة داخل حدودها.

الازدواجية التي تمارسها جنوب إفريقيا في تعاملها مع قضايا الانفصال قد تضعها في مأزق دولي، خصوصًا إذا ما وجدت نفسها أمام ضغط متزايد من القوى العالمية الداعمة لهذه الحركة، مثلما يحدث الآن مع محاولة بعض الجهات كسب دعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وإذا استمر هذا الضغط، فقد تجد بريتوريا نفسها في موقف لا تُحسد عليه، بين التمسك بوحدتها الوطنية أو الاعتراف بحق الانفصال داخل حدودها، وهو ما سيفضح تناقضها الواضح في التعامل مع القضايا الدولية ، وعلى رأسها الصحراء المغربية.

ربما ما يحدث الآن ليس سوى انعكاس لسياسات غير عادلة مارستها جنوب إفريقيا لعقود. وكما قال المثل المغربي الدارج: "باش تقتل باش تموت يا ملاك الموت"، فقد يأتي يوم تجرّع فيه جنوب إفريقيا من نفس الكأس التي حاولت تقديمها لغيرها، وتجد نفسها مضطرة لمواجهة معضلة كانت هي أول من شرّع لها أبواب التأييد على المستوى الدولي. فهل ستعيد حساباتها قبل فوات الأوان؟

و هل يُعاقَبون إلا بما كانوا يعملون؟