adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/09 - 12:01 م

لا تزال العلاقات التجارية بين المغرب وعمقه الإفريقي تواجه مجموعة من التحديات التي تعيق نموها ووصولها إلى مستويات تتماشى مع طموحات المملكة وشركائها التجاريين في القارة السمراء؛ وذلك رغم أنها تعرف تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، بفضل جهود المغرب الكبيرة لتعزيز هذه المبادلات من خلال توقيع اتفاقيات متعددة وإطلاق مشاريع لوجستية واعدة.

يرى خبراء العلاقات التجارية أن الجانب اللوجستي يشكل العقبة الأبرز أمام تعزيز التجارة المغربية-الإفريقية، تعتمد هذه التجارة على البنية التحتية للنقل الجوي والبحري، التي لا تزال تعاني من عدة إشكالات، من أبرزها ضعف الأسطول البحري الوطني وارتفاع تكلفة النقل الجوي.

وفي هذا السياق، يلجأ عدد كبير من المصدرين المغاربة إلى النقل البري رغم تكلفته المرتفعة مقارنة بوسائل النقل الأخرى.

وتظل أوروبا الشريك التجاري الأول للمغرب، حيث تستحوذ على 63.2% من إجمالي المبادلات التجارية، في عام 2023، بلغت قيمة هذه المبادلات مع أوروبا 724.8 مليار درهم، بزيادة قدرها 5.7% مقارنة بعام 2022، وفي المقابل، تراجعت المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية بشكل ملحوظ، إذ انخفضت من 64.4 مليار درهم في 2022 إلى 52.7 مليار درهم في 2023، أي بانخفاض قدره 18%.

أما بالنسبة للصادرات المغربية إلى إفريقيا، فلا تزال نسبتها محدودة، حيث تمثل 7.6% فقط من إجمالي الصادرات، رغم التقديرات التي تشير إلى وجود إمكانات غير مستغلة لتنمية هذه الصادرات بقيمة 12 مليار درهم.

يؤدي ضعف البنية التحتية اللوجستية إلى ارتفاع تكاليف السلع المغربية بنسبة تتراوح بين 35% و55%، ما يقلل من قدرتها التنافسية أمام المنتجات الدولية الأخرى. ومع ذلك، بدأت الحكومة المغربية في معالجة هذا الإشكال من خلال مشاريع طموحة لتحسين البنية التحتية وربط المغرب بعمقه الإفريقي.

وفي إطار الجهود الرامية لتحسين المبادلات التجارية، أطلق المغرب عدة خطوط بحرية جديدة، من بينها الخط البحري بين ميناء أكادير وموانئ غرب إفريقيا، مع خطط مستقبلية لربط ميناء الداخلة بالعمق الإفريقي، هذا المشروع من شأنه خفض تكاليف النقل وتعزيز تنافسية المنتجات المغربية، إضافة إلى دعم فرص التبادل التجاري بين المغرب والدول الإفريقية.

وأشار المحلل الاقتصادي بدر زاهر الأزرق إلى أن المغرب يسعى ليصبح مركزا لوجستيا رئيسيا للدول الإفريقية الراغبة في الوصول إلى الأسواق الأوروبية، ويُتوقع أن يلعب ميناء الداخلة دورا استراتيجيا في هذا التوجه، حيث سيتم نقل المنتجات الإفريقية إلى أوروبا عبر شبكة متكاملة من السكك الحديدية والطرق.

ومن بين المشاريع الطموحة التي تعزز هذا التوجه، ربط المغرب بموريتانيا عبر الطرق البرية، وتوسيع شبكة الموانئ الإفريقية التي يديرها المغرب. وقد حصلت شركة مرسى ماروك على حقوق تشغيل أرصفة في موانئ بنين وجيبوتي، ما يعكس الاستراتيجية المغربية لتعزيز وجودها في الأسواق الإفريقية.

ويؤكد المحللون أن السنوات الخمس المقبلة ستكون حاسمة في تطوير المبادلات التجارية بين المغرب وإفريقيا، ومع التوجه نحو إنشاء خطوط تجارية مباشرة مع إفريقيا الوسطى والشرقية، يتوقع أن تشهد المبادلات التجارية قفزة نوعية تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي داخل القارة.

في هذا السياق، جرت مؤخرا مراسيم توقيع بروتوكول اتفاق لإطلاق الخط البحري أكادير-دكار، بهدف تقليص تكاليف النقل وزيادة كفاءة نقل البضائع والشاحنات، ويعد هذا المشروع ركيزة أساسية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب ودول غرب إفريقيا، ودعم التكامل القاري في مجالات التجارة والنقل.

ورغم التحديات اللوجستية والهيمنة الأوروبية على المبادلات التجارية، فإن المغرب يمتلك فرصا واعدة لتعزيز حضوره في السوق الإفريقية، ومن خلال تحسين البنية التحتية وتوسيع شبكات النقل البحري والبري، يمكن للمغرب أن يحقق طفرة نوعية في علاقاته التجارية مع القارة، مما سيعزز دوره كمركز اقتصادي إقليمي محوري.