بقلم الأستاذ حميد طولست
الإضراب الذي لم يكن مدفوعًا بالمطالبة بزيادة الأجور أو تحسين ظروف
العمل، كما هو الحال في العديد من الإضرابات العمالية، بل جاء كنتيجة مباشرة لعدم
توصل العمال بمستحقاتهم الشهرية العالقة، إضافة إلى حرمانهم من التغطية الصحية
بسبب عدم التصريح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي.
لطالما كان موضوع النقل الحضري في فاس
محل جدل واسع بين الساكنة والفاعلين المحليين، حيث يطرح العديد من الأسئلة حول
تدبير القطاع، ومدى احترام الشركة لالتزاماتها التعاقدية، خصوصًا فيما يتعلق بحقوق
المستخدمين وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين. ويبدو أن الجهات الوصية، سواء
الجماعة الحضرية أو السلطات المحلية، لم تتمكن من إيجاد حلول جذرية تنهي هذا الوضع
المتأزم، والذي لم يضطر معه العمال إلى اتخاذ قرار الإضراب الذي أدى إلى شل حركة
النقل الحضري وخلق حالة من الاضطراب في تنقلات المواطنين إلا بعد تعثر الحلول
الودية مع إدارة الشركة، التي يبقى معها مستقبل النقل الحضري في فاس رهينًا بإيجاد
حلول عادلة تضمن حقوق العمال وتوفر خدمة نقل عمومي تليق بالسكان، ولا يمكن تحقيق
ذلك دون رقابة صارمة على الشركات المفوض لها تدبير القطاع، وإلزامها باحترام حقوق
المستخدمين وضمان استمرارية المرفق العمومي دون انقطاعات متكررة تؤثر سلبًا على
حياة المواطنين اليومية.
يأتي هذا الإضراب في وقت يشهد فيه
البرلمان المغربي نقاشًا ساخنًا حول وضعية عمال النقل الحضري، حيث تدخلت النائبة
ريم شباط في الجلسة البرلمانية وأثارت العديد من القضايا المتعلقة بتسيير شركة
"سيتي باص" بفاس. التدخل الذي اعتبر من جهة العديد من عمال النقل الحضري وخاصة القدامى
المطرودين إبان تولي والدها تسيير المدينة ، من قبيل الدعاية للانتخابات ،وقوبل
تدخلها من جهة أخرى من طرف رئاسة البرلمان بإحالتها إلى لجنة الانضباط
والأخلاقيات، مما يطرح تساؤلات حول حرية التعبير في مناقشة القضايا التي تهم
المواطنين.
نتمنى أن تكون الأيام القادمة حاملة
لأخبار إيجابية تساهم في تحسين قطاع النقل الحضري بفاس، وتحقيق العدالة الاجتماعية
لمستخدميه الذين يعتبرون العمود الفقري لهذا المرفق الحيوي.