adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/20 - 7:57 ص


بقلم الأستاذ حميد طولست

الغياب الصادم للمستشارين والبرلمانيين ، نموذجا.

كشفت بعض الصور المبثوثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والملتقطة خلال الدورة الجماعية الأخيرة بفاس عن مشهد محبط: قاعة شبه فارغة رغم ما تضمنه جدول الأعمال من نقاطً تمسّ جوانب متعددة من حياة الفاسيين. هذا الغياب غير المبرر يطرح تساؤلات ملحة حول مدى التزام المنتخبين بمسؤولياتهم تجاه المواطنين الذين وضعوا ثقتهم فيهم. ما يجعل ،للأسف، أن فئة كبيرة ممن جاءت بهم صناديق الاقتراع في 8 شتنبر ليست في مستوى الثقة التي مُنحت لهم، وهو ما يستدعي نقاشًا جادًا وترافعًا مسؤولًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دور المجالس المنتخبة.

لكن الأمر لا يقتصر على فاس وحدها، فقد انتشرت صور قاعات البرلمان التي بدت خالية تقريبًا خلال جلسات مصيرية عديدة، كان أبرزها جلسة التصويت على قانون الإضراب، حيث فضل 291 برلمانيًا الغياب بدل مواجهة لحظة حاسمة في مصير الحريات العامة للطبقة العاملة. وكأن الأمر لا يعنيهم، في وقتٍ ينتظر فيه المواطنون من ممثليهم الحضور الفعلي والانخراط الجاد في النقاشات التي ترسم ملامح المستقبل السياسي والاجتماعي للبلاد.

المثير للاستغراب أن رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، لم يعتبر هذا الغياب الجماعي إشكالًا جوهريًا، حيث لم يُطرحه للنقاش العمومي رغم تأثيره الكبير على شرعية المؤسسات التشريعية. كما بدا في كلمته بمناسبة اختتام الدورة التشريعية الخريفية، وكأنه يقلل من خطورة الظاهرة، بينما تشير الوقائع إلى أزمة حقيقية تهدد جوهر الديمقراطية التمثيلية.

إن المنتخب، سواء كان جماعيًا أو برلمانيًا، لا يمكن أن يؤدي دوره بفعالية دون ثقافة سياسية واسعة ووعي حقيقي بأهمية المسؤولية الملقاة على عاتقه. فالتمثيل السياسي ليس مجرد منصب بروتوكولي، بل هو التزام مستمر بخدمة الصالح العام. وإذا فقد المنتخب شغفه بعمله، وتحول إلى موظف يؤدي مهامه كعامل يومي مقهور، يخشى فقدان امتيازاته، فإن النتيجة ستكون انهيار المؤسسات التمثيلية كالبيت المشيد من الرمل.

الحضور في المجالس المنتخبة ليس رفاهية، بل هو جوهر العمل الديمقراطي، وأي تهاون في أداء هذه المسؤولية يهدد بانعدام الثقة بين المواطن ومؤسساته، ويفتح المجال لظواهر خطيرة قد تؤثر سلبًا على استقرار البلاد ومستقبلها السياسي. المطلوب اليوم هو إعادة النظر في آليات المحاسبة والتقييم، حتى لا يصبح الغياب عن المسؤولية سلوكًا مألوفًا ومقبولًا في المشهد السياسي المغربي.