adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/10 - 11:42 ص

عبدالإله الوزاني التهامي

تبقى "الزاوية" حسب عبدالكريم غلاب، أروع ما أنتجه الأدب المغربي، وعمرها يزيد عن عشرات السنين، والذين يحاولون  أن يكتبوا السيرة الذاتية كفن من فنون القول عليهم أن يقرؤوا الزاوية".

وأشار أيضا الأستاذ عبدالجبار السحيمي في جريدة "العلم" بداية السبعينات إلى أن "الزاوية" ظلت طوال  الزمن  عملا أدبيا. فيما يذكر أن الأستاذ أحمد اليبوري قد خصها بدراسة مقارنة، (انظر دينامية النص الروائي، منشورات اتحاد كتاب المغرب 1994).

ويقول عنها الأستاذ عبدالقادر الشاوي: "... فقد كانت "الزاوية"، حسبما نعتقد لحظة هامة في الكتابة السردية والسير الذاتية في المغرب".

من جهة تصوف المترجم له، فإن جل ما ورد في "الزاوية" وخاصة فيما يخص تصوف التهامي الوزاني وعلاقاته الاجتماعية والفكرية، فإن أزمة هذا الأخير أزمة بحث عن اليقين الصوفي وكأنه أراد أن يزيد من تقوية موروثه التقليدي بقناعة أكثر حداثة وواقعية بالتجريب الميداني، على قاعدة الشاعر القائل:

صوفي أنا بالمسمى لا بالإسم

موقن أنا باللب لا بالرسم

هذا البيت تأكيد على عدم جدوى التركيز على الأسماء والتغاضي عن المسميات والمعاني، فكلمة "تصوف"، فسرت وأولت حسب ظروف المشايخ ومحيط نشاطهم ومستوى نضجهم ودرجة ولايتهم، فأصبحت تعني معاني شتى، أكثرها اختزالا كلمة صفا، يصفو صفاء، من تصفية الباطن من الباطل ولا يكون ذلك إلا بالتدرج في مدارج الإسلام والإيمان والإحسان.

والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

يتضح إذن أن المقصود من كلمة إحسان الأصيلة، الدقة والإتقان بأن يكون المتصوف ابن وقته. فالتصوف أصلا مسمى لا مجرد إسم،  يشمل الدنيا من جد واجتهاد وتقانة وصناعة وتمدن، وسلوك مسلك أهل الله وخاصته فيما يخص عوالم الغيب والأشواق والأخلاق والأذواق.

عن هذه المعاني كان يبحث التهامي الوزاني فترات حيرته كما نقرأ في "الزاوية". عن معاني المحجة اللآحبة الناصعة سأل رفيقه الجديد: "يا سيدي محمد أنت تحدثني عن التصوف وأنا لا أعرف شيئا عنه، فأرجوك أن تدلني عن كتاب واضح في التصوف كي أفهمه، وأطلع يسيرا على هذا الفن الذي بحسب ما يظهر لي، هو أعلى الفنون شأنا وأجدرها بالانكباب عليه".

وبهذا، وضع التهامي الوزاني نفسه في مكانة المريد قبل حصوله على الشيخ، نظرا لما كان يعيشه من اضطراب نفسي، تجلى في التشوق إلى معرفة أسرار التصوف ومن ثم الحصول على "مرشد يرشده أو صوفي يصفيه أو شيخ يورده".

إن المريدية هي بداية الثورة على النفس المؤدية إلى انفراج مرتقب على شاكلة انقلاب أبيض على وسارس الجارة الأمارة -النفس-.

ومن خلال حديثه المتواصل عن أسلافه الكرام، الواصلين الموصلين، وتأثره البالغ بمقتل جده سيدنا علي كرم الله وجهه وارث النور المحمدي، ومقتل سيدا شباب أهل الجنة، سيدنا الحسن وسيدنا الحسين، وبمدارسته اليقظة المتعمقة لأحوال صوفية عصره وسابقيهم أدرك الوزاني ما أدرك.

وبصحبته لشخص اسمه القادري فتح أمامه باب التأمل والتطلع، حيث كانت تظهر على هذا الأخير مؤشرات موحية كاصفرار اللون وارتعاد الفرائص والنشاط المكثف، والاستغراق في التفكر، علائم تؤشر لما هو مقبل عليه أي مريد من رياضة على الورع  والزهد والتفاني والهيام ... (؟!). يتبع ...