adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/02 - 2:53 م

عبدالإله الوزاني التهامي

كان الشيخ سيدي التهامي لا يريد أن يكون العلم نظريات فلسفية لا تجد طريقها للتطبيق، بل كان رجلا عالما عاملا، ولا يحب أن يكون التعليم بمعزل عن التربية، ولا يريد الحياة هادئة لا جهاد فيها ولا مجاهة، ولهذا عاش عصره في صراع مع نفسه ومع المجتمع، لا يجد راحته إلا في الدعوة إلى إصلاح النفوس وتربيتها وتهذيبها ورسم مثل عليا لها، وقد هذبه التصوف، فكان متسامحا، متخلقا بأخلاق فاضلة، يبذل من ماله بسخاء، ويعطف على المساكين والضعفاء، ويسعى لتأسيس المدارس، ويحب طلاب العلم، ويتساهل معهم ويكرمهم عن زلاتهم، ويعاملهم كأخ لهم، وكان كاتبا أديبا من الطراز الأول، يجري قلمه بما يدور في خاطره من المعاني والتصورات وأنواع الخيال دون أن يتعثر، ويتنارل موضوعات مختلفة، فلا يقصر فيها ولا يعجز عن الإحاطة بها، وكان مع هذا كله زاهدا في شهوات الدنيا، قانعا بالرزق الذي كتب له، سالكا مسلك العفاف والكفاف، مترفعا عن السؤال، يبدو عليه وقار العلماء وسمة الصالحين، وجمال الصديقين، ويقين العارفين" وفق ما وصفه به  كتاب "الحركة العلمية .. بتطوان".

هذه شهادة وجيزة تصف درجة ومكانة هذا العالم الجليل، وردت في الكتاب المذكور المترجم لرجالات ورموز تطوان من عصر الحماية إلى عهد الاستقلال (1912-1956).

وقد أولى سيدي التهامي الوزاني الجهاد ضد المستعمر الإسباني أهمية خاصة، تجلى ذلك في نبرة كتاباته وكذا في اقتراحاته في أوساط أعضاء الحركة الوطنية بتطاون المناهضة للاستعمار، وكذا احتضانه للمجاهدين وإكرامهم على نهج أسلافه.

ولا أدل على ذلك من إشرافه على تنظيم جنازة المجاهد الشريف الغماري سيدي عبدالسلام المطراسي بن سيدي إدريس رئيس كتيبة جهادية بغمارة الجبلية، حيث قام بدفنه بزاوية جده مولاي محمد الموجودة بالطرانكات بتطوان.

وغيرها من الأعمال، كاحتضانه لأيتام الشهداء وأسر الجرحى والمصابين، فضلا عن مبادرات إنسانية مترجمة لرغبته في استنهاض همم المواطنين لطرد المستعمر البليد.

أما فيما يخص برنامجه اليومي، "فقد كان المرحوم محافظا على أوراده الصباحية والمسائية: صلاة وصياما وذكرا وتهجدا وتصلية ومدحا، وقراءة وكتابة"، ومن جهة أخرى فقد كانت له أوقات مبرمجة يخرج فيها إلى "مصلى دار الشريف" بوادراس أحواز تطوان، يخلو فيها بنفسه ويصل الرحم.

ولا تزال أطلال بيته قائمة هناك لحد الآن.

وقد حافظ شرفاء دار الضمانة هناك على سنة حسنة حميدة باحتفالهم بذكرى المولد النبوي الشريف، واستن الشرفاء سنة حسنة لا تقل أهمية باجتماعهم على الله ليلة السبت فاتح كل شهر عربي، يحج إليها أعيان المنطقة والمحبون من المدن المجاورة.

وبذلك جمع سيدي التهامي الوزاني بين معاني الجهاد بالعلم والكلمة والعمل.يتبع...