بقلم الأستاذ
حميد طولست
لا مستحيلات في
الرياضة عامة، وخاصة كرة القدم ، التي فيها كل شيء ممكنا دون أن يستطيع أحد أن
يتكهن بسيناريوهاتها التي يمكن أن تشذ عن
المألوف ، بدافع نزوع النفوس للتعصب الكروي القادر على تحويل بوصلة أعقل العقلاء خارج حدود العقل والتعقل ، ويدفع به إلى مصارعة
أي طرف ، ومقارعة أي مشروع يعارض مصالح وأهداف
كسب فريقه للألقاب والمراكز التي تُلبي طموحاته ، التي تذكيها سطوة الرغبات
والأهواء الجبارة للتعدد والانتماء ، التي قد تنشر ثقافة البغض والانزلاق
الأخلاقي، كالذي كنا نراه ونسمعه في ملاعبنا من بعض المشجعين لما يعشقونه من الفرق
المحلية والوطنية وحتى العالمية ،والذين يخرجوا خلالها عن النص ويصبحون خارج نطاق
السيطرة ، بعد أن تنفلت الأمور منهم، الأمر الذي يثير استياء جميع الأطياف ويضع
الاستفهامات حول ذلك التصرف الشاذ غير المألوف والمنافي للروح الرياضية وأخلاقها
..
ومع كل ذلك وما
خفي أعظم ، يبقى إصدار الأحكام القطعية على هذا النوع من متعصبي كرة القدم أمراً
يحتاج للكثير من دقة التشخيص، حيث لا يليق نعتهم بأنهم مشاغبون يفسدون الجو الكروي
العام على عشاق المستديرة الساحرة ، لأنهم لا ذنب لهم في الأعراض التي تصدر منهم
تجاه لعبة هي في المغرب كما في باقي بلدان
العالم رمزاً للشغف والنجاح ، الذي تكون فيه الفرق الكروية جزءاً كبيراً من هوية
الكثير من مواطنيها ، الذين يحق لأي منهم
أن يحب ويتعصب لفريقه بالطريقة التي يشاء ، ويقارع الآخرين لكسب الألقاب والمراكز
التي تُلبي رغباته وأهواءه،لكن دون المساس بشرف وحقوق الآخرين..
صحيح أن التعصب عامة هو سلوك مرفوض في مختلف صوره وتنوع أشكاله ، وغير حضاري في طرقه ووسائله أيضاً، ومع ذلك نجد من يلتمس للتعصب الكروي العذر رغم تزايد شدته إلى حد الإزعاج المستمر وتجاوزه في كثير من الأحيان الخطوط الحمراء ، التي تعكس الوجه الحقيقي لكرة القدم ومفارقات جنون هوس التعلق الخطيرة بها، والذي يجمع الموت والحياة في ملعب واحد ، حيث نرى أناس يحتفلون خلال كل مباراة بجنون، وأناس يائسون حتى الموت ، ونشاهدهم بعد المباريات بين الفائز والخاسر ، وكأن الأول كسب الدنيا ، والآخر في مأتم.. والذي هو وضع طبيعي للمنافسة وحقٌّ مشروع لأي طرف يبتغي مصالح فريقه ويرغب في تحقيق أهدافه وطموحاته، حيث يقف الجميع في تلك المحافل قلباً وصفاً واحداً أمام خط الأمنيات مع توحيد الدعوات التي تنشد التوفيق والنجاح لمن يحملون رايته من الفرق ، ولا غرابة حضور كل أنواع التجاذبات المناكفات التي تظهر بالمدرجات وخارجها، بسبب اختلاف الانتماءات .