بقلم الأستاذ
حميد طولست
أثارت نتائج
الإحصاء السكاني الأخير في المغرب جدلاً واسعًا، حيث اعتبره العديد من الأمازيغ
محاولة لتهميش هويتهم الثقافية واللغوية. فبينما أعلن المسؤولون أن الإحصاء سيكون
سكانيًا بحتًا، رأى آخرون أن الهدف الحقيقي هو تقليص نسبة الأمازيغ في المجتمع
المغربي. إذ كان من الواضح أن هذه الإحصاءات تركز على إبرازهم الأمازيغ كأقلية
العرقية، كخطوة نحو محو ثقافتهم وطمس هويتهم الأمازيغية، التي عرفت منذ مئات
السنين، محاولات عديد لطمس الهوية من الكثير من القوى الكارهة للأمازيغ ولغتهم
التي ظلت صامدة رغم كل التحديات ، لأنها ليست مجرد لغة عادية ، بل هي لغة قادرة
على البقاء عبر الزمان لصلتها الوثيقة بالأرض أكثر من ارتباطها بالإنسان، الذي لو
كان ارتباطها به لزالت كما زالت الفينيقية بموت أهلها و عاشت الامازيغية، ولماتت
كما ماتت السيريانية و عاشت الامازيغية و لفنيت كما فنيت العديد من اللغات و مازلت الامازيغية و ستبقى
رغم انف من يحاول طمسها بمعايير اعتمدوها في بإحصاء يعلم الله والذين لا يريدون
للامازيغية أن تعود قوية إلى الساحة الوطنية ، لأنهم يعلمون جيداً أنها إذا عادت
ستمحي كل خرافتهم ، وتذكرهم بما تحفظه من
وقائع وأحداث وأيام مجد ونوازل الأمازيغ وتواريخ
للمملكة المغربية التي هم جزء لا يتجزأ من حضارتها وثقافتها و هويتها
الوطنية الصادقة المعمرة لعصور.
في ظل هذه
التحديات، تطرح بعض الأسئلة نفسها بإلحاحية كبيرة أمثال: من أين اكتسب بعض الأشخاص
كل هذه الكراهية تجاه الأمازيغية؟ وكيف تحولت مشاعر رفضهم المطلق للغتهم العريقة
إلى سادية تجاه كل ما هو مرتبط بالأمازيغية؛ من الكتابة بها إلى التحدث بها، وحتى
التحية بها ، وغير ذلك كثير من مظاهر الكراهية المثيرة لعدد من التساؤلات حول
السبب وراء ذاك الحقد المجاني، خاصة وأن الأمازيغية، لغة غنية وملهمة، تعبر عن عمق
الحياة وتاريخها بكل تفاصيله، وتبقى قادرة على إشعال الإبداع والتعبير عن مشاعر
الأمان والطمأنينة.
إن الأمازيغية، رغم محاولات تهميشها، لا تزال تشكل هوية وطنية للمغرب، ولطالما كانت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة المحلية. هي لغة صمدت في وجه الزمان والمكان، وستظل حاضرة في الساحة الوطنية، رغم كل محاولات محوها.