بقلم الأستاذ
حميد طولست
من أجمل ما
قرأت على "النث" قصة شاب أمريكي دخل قاعة المحاضرات متأخراً فوجد علي
لوح الكتابة معادلة غير محلولة ونسخها مفترضا أنها واجبه المنزلي ، وبعد العودة
إلى المنزل لم ينم ليلته حتى أتم حل تلك المعادلة وقدمها في اليوم الموالي لأستاذه
الذي أصيب بالذهول، الذي استغرب منه الطالب فطلب من الأستاذة إخباره عن سبب ذهوله
، الذي أرجع الأستاذ سببه لكون المعادلة التي قام بحلها لم تكن إلا نموذجا للمسائل
الرياضة والمعادلات المستحيلة الحل التي عجز أساتذة الرياضيات على حلها عبر
التاريخ ، وقد كتبت علي لوح الكتابة كمثال ، وأخذها الطالب الذي لم يطلع على ذلك
الأمر لتأخره عن المحاضرة ، وتمكن من حلها في ليلة واحدة ، لأن المخاوف لم تحاصر
إرادتة ، والتوجسات لم تشل عزمه على هزم أعقد المعادلات الرياضية والتغلب على
أعتاها..
ربما يتبادر
إلى الأذهان أن نجاح الطالب لم يكن إلا مسألة حظ - وإن كان للحظ دخل في الكثير من
النجاحات المستحيلة- لكن بزيادة عنصر مهم كثيرا ما يكون وراء العديد من النجاحات
المستحيلة ، والذي يصطلح على تسميته بـ "شجاعة الجهل "التي تجعل
المرء لا يفكر في مدى صعوبة ما هو بصدد
القيام به من أعمال خطيرة أو مستحيلة، ولا بعدد من فشلوا قبله في تحقيقها، ولا
يتوقع الفشل فيها من البداية، والتي سماها رجل الشارع المغربي بضربة
"الكانبو"أي الضربة التي لا تعتبر المخاوف التي عادة ما تحاصر الأعمال
وتحبطها قبل أن يخطو أصحابها الخطوة الأولى..
لذلك يجب أن
نتحلي بـ "شجاعة الجهل" كأهم الطرق الممكنة للنجاح، التي لولاها لما نجح
الطالب الأمريكي في حل أعقد المسائل الرياضية ،ولما نجح د. أحمد خالد توفيق في بز
أصدقائه في الرماية رغم عدم درايته بها، كما ورد هي حكايته التي تؤكد قضية
"شجاعة الجهل "أو ضربة " الكانبو"التي عاش تجربتها خلال رحلة
ريفية مع مجموعة من أصدقائه الذين اعتادوا التباري أثناءها على إصابة زجاجات مياه
فارغة معلقة على أغصان الشجر ، يصوبون عليها ببندقياتهم من مسافة معينة ، فقرر
يوما مشاركتهم لعبتهم التي كان يعتبرها عبثية ، فأمسك بندقية أحدهم وداس على
الزناد دون تفكير ولا تركيز ولا حتى تصويب ، فأصاب الهدف الذي تبارى رفاقه -
الحاملين للشواهد العليا والحاصلين على الجوائز الثمينة في فن الرماية - على
تحقيقه مند ساعات ، ونجح هو -الذي لا يعرف كيف يمسك بندقية - إلى اصابة الزجاجة
وتحويلها إلى شظايا، ربما يقول البعض أنه
ويقول الواقع أنه "شجاعة الجهل " وضربة "الكانبو" التي يدعو
المغاربة الله تجنيبهم إياها بقولهم : الله ينجيك من ضربة
"الكانبو" .
هوامش :ــ عبارة ضربة "الكانبو" التي إذا نظرنا إليها من زاوية نفسية واجتماعية، نجد أنها تمثل نوعًا من المفارقة ترمز إلى حقيقة أن الحياة مليئة بالعوامل غير المتوقعة، وأن بعض الأمور التي قد تبدو عشوائية أو غير محسوبة قد تؤدي إلى نتائج مثيرة أو حتى مثالية ، حيث تجعل الشخص الذي يتحرك بناءً على جهله وقلة تقديره للمخاطر،و بدون خبرة أو تفكير عميق ، يحقق نتائج إيجابية بطريقة مفاجئة، قد تكون مرتبطة أيضًا بعنصر "الحظ" أو "الصدفة". في بعض الأحيان، تتلاقى الظروف والأحداث بشكل غير متوقع، مما يؤدي إلى "النجاح" رغم غياب التخطيط المدروس، بينما الشخص الذي يخطط بعناية قد لا يحقق النجاح نفسه، ما يبرز نوعًا من التشكيك في الفكر العقلاني الدقيق، ويشجع على التصرف بعفوية أو باندفاعية، وهو ما يعكس نوعًا من البساطة أو التحدي للأعراف.