بقلم الأستاذ حميد طولست
ظواهر سلوكية فظيعة تعصف بمجتمعنا ،
وتبدد طاقات أجياله وتجعلها تدور في حلقة مفرغة من السلبية ، تطارد خيوط الدخان،
وغيوم الأوهام ، ولو فتشنا في كافة أمم الدنيا فلن نعثر على مثل هذه سلوكيات
المخاصمة لعصرها، والمتنكرة لتواجدها ، التي لا تجهد ذهنها في شيء ، ولا تعترف بأن
الدنيا تؤخذ غِلابا ، إلا عندنا!! نحن المحكومون بعقلية احتقار الذات المغربية
، أسوء عادة يصر البعض على تسويق المغرب من
خلالها للعالم ، ليس كما هو في واقع أمره المتميز بالخصوصية الأمازيغية ، ولكن كما
اختزله الخطاب البعثي العروبي ،الذي انتهت صلاحيته مند عقود مع عبد الناصر، وموت
بومدين ، وسقوط نظام صدام، والقدافي، وصالح، وبنعلي .
موجب هذا الكلام هو الفضيحتين التي أبى
شهر نونبر مغادرة أجندة الزمان إلا بعد أن يخلد بهما مروره في حياتنا أستهل الفضيحة الأولى منهما –بحسب الترتيب
الزمني لوقوعها- والتي تتلخص فيما حدث يوم
25 نونبر/ 12/ 24 خلال الجلسات العامة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفوية والجلسة
الشهرية التي يجيب خلالها رئيس الحكومة على أسئلة أعضاء المجلس والتي تميزت –مع
الأسف- بانزعاج النائبة البرلمانية نبيلة منيب -من اليسار الاشتراكي - في جلسة عمومية مخصصة للأسئلة
الشفوية ، من رد السيد وزير الأوقاف الشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق على سؤال قدمه
السيد النائب البرلماني يوسف شيري عن إقليم وارزازات بالأمازيغية اللغة الرسمية
للبلاد ، "مطالبة من مكتب مجلس النواب في نقطة نظام ، ترجمة السؤال المطروح
والإجابة عنه بالعربية - رغم وجود جهاز الترجمة من الامازيغية الى العربية - معبرة
عن ذلك الانزعاج بالعبارة المستفزة :"مافهمت والو، هادشي كولو كايهضر
بالامازيغية "، وكأن الأمزيغية ليست لغة رسمية للبلاد ، فلم تعطيها ما تستحق من الاهتمام ، ربما لأنها لا
تعتبرها مسوؤلية وطنية ، وأنها لغة مفروضة عليها ، ولا يلازمها الانخراط فيها كنائبة برلمانية، إن
هي أرادت الدفاع عن مصالح الأمة التي تمثلها ، إذ كيف يمكنها ذلك وهي التي لم
تكتفي بجهلها للغة الرسمية للأمة التي من المفروض فيها وعليها الدافع عن مصالح
المواطنين المتحدثين بها ، بدلا من
الاهتمام المفرط بالقضايا المشرقية ، الأمر الذي تسببت في ردود أفعال غاضبة لدى
عدد من الفعاليات الأمازيغية على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن
ذلك نوع من التنقيص من مكانة لغة وطنية رسمية
للمغرب بموجب الدستور المغربي
2011.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر ، كما يقال
في التراث العربي وبما أن الفضائح لا تأتي
منفردة ، كما في التراث الغربي ، فلا بد
من ذكر الفضيحة الثانية التي ما هي إلا نتاج أو تمثل للفضيحة الأولى ، وانعكاس
لاستمرار عقلية احتقار الذات عند المغاربة التي تضمنها، مصداقا للمقولة العربية
الشهيرة :" الناس على دين ملوكهم " والذين هم هنا على دين نوابهم
البرلمانيين ، والمتمثلة في غياب
الأمازيغية عند الإعلان الرسمي لافتتاح المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي تم
بتسع لغات ،عدا الأمازيغية اللغة الرسمية
للمغرب ، والتي يُعتبر إغفالها في مهرجان
دولي عالمي ومنصة مهمة للتعبير عن الهوية الوطنية ، هو تجاهل سافر لجزء أساسي من
الهوية الثقافية المغربية ، الذي يدفع
لطرح عدد من التساؤلات والتخمينات حول هذا الإغفال ، منها :هل هو نتيجة خطأ غير
مقصود ، أم هو تعبير عن نقص الوعي بأهمية التنوع اللغوي والثقافي المغربي ، وهل
نسيت أو أهملت الأمازيغية كلغة رسمية
للبلد المنظم ،خاصة أن الإعلان عن افتتاح المهرجان استعملت فيه تسع لغات باستثناء
اللغة الأمازيغية التي لم تكن حاضرة بوضوح إلى جانب اللغات الأخرى.
خلاصة :هذان الحدثان يسلطان الضوء على الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات جريئة لحماية الهوية الأمازيغية. من بين هذه الإجراءات، قد يكون فرض شرط إتقان الأمازيغية على المرشحين للبرلمان حلاً عملياً، حيث لا يمكن لمن يجهل لغة غالبية المغاربة أن يدافع عن مصالحهم بصدق وفعالية.