بقلم حميد
طولست
شيء جميل ما
قرأت ، وعمل جدي وجاد ما علمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من عزم مسؤولي البلاد
يخططون لتحسين قطاع سيارات الأجرة استعدادًا لتنظيم كأس العالم 2030، وذلك عبر خطط
تُركز على تجديد الأسطول وتحديث الأنظمة كخطوة مهمة في التأهيل المادي، بينما
الأهم من كل ذلك –رغم ضرورته- هو الجانب السلوكي والقيمي للسائقين الذي يبقى أهم
بكثير في رسم صورة إيجابية عن البلاد أمام العالم والذي يجب أن يستهدفه التخطيط
لتحسين السلوكيات غير اللائقة للكثير من السائقين ، كاحترام العملاء وعدم التمييز
بينهم، النزاهة في تحديد الأسعار، واحترام قوانين المرور، وعدم الإذعان للاستقواء
بالنقابات ضد تطبيق القوانين ، التي ليست فقط مسائل تنظيمية، بل هي صميم القيم
التي تعكس ثقافة المواطن ومسؤوليته تجاه وطنه. مثل هذه القيم تجعل من التجربة
السياحية في أي بلد تجربة مميزة، والتي لا تحتاج إلا لقرارات حازما من الجهات
المسؤولة بغض النظر عن تواضع الإمكانيات المادية ، وتقادم سيارات الأجرة ، الذي قد
يكون أمرا عاديا ولا يهتم به الزوار ، مادام السائق مشبعا بقيم وطنه ، ومدركا لحجم
مسؤوليته في إبراز خصوصية بلاده ، والتي تجعل السائح معجبا برحلته مهما كانت السيارة
متواضعة ، لكنه لا يتساهل مع السلوكيات
الانتهازية ، الأمر الذي سيكون اكبر تحدي أمام المسؤولين المحليين
والوطنيين لإيجاد حلول ناجعة ودائمة له ، بدل الاضطرار إلى إخفائه خلال فترة
المونديال وعودته للظهور بعد المونديال الذي نرغب في أن يكون حافزا للإقلاع عن كل
الظواهر المشينة ، عوض التستر عليها حتى ذهاب السياح إلى ديارهم.
لا أقصد بكلامي هذا أن نغير كينونة السائقين من اجل عيون المشجعين والسياح ، لكن تشجيعهم على التشبع بقيم الوعي و المواطنة و الوطنية و العمل التطوعي الذي يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تحسين صورة القطاع حتى يكون مؤهلا لتقديم صورة مشرفة عن ثقافة بلادهم بشكل يليق بتاريخها وهويتها ، خلال هذه التظاهرة العالمية والدولية التي يستشعر المواطن أنها ليست مجرد مسابقة في كرة القدم ، ولكنها حدث عالمي ظاهره رياضة وباطنه اقتصاد و سياسة ، وفرصة ثمينة لإبراز الهوية المغربية بأبهى صورها ، كما أنه اختبار حقيقي لقدرة المغاربة على تحويل هذا الحدث إلى منصة دائمة لتغيير جذري في السلوكيات وتحسين الخدمات العامة ، تفرض على الجميع ألا يكتفوا بما تبذله الجهات الرسمية من مجهودات جبارة في التأثيث الحضري للمدن المحتضنة للمونديال -رغم أهميته الكبيرة- و يجعلوا من هذا المحفل الدولي ، عرسا مغربيا كما هي أعراس المغاربة ، حيث يكون كل واحد منهم هو صاحب العرس ومنظمه وضيفه والمدعو إليه ، حريصين على إنجاحه بحسن استقبال الضيوف والمدعويين الذين سيحضرون من ثقافات أخرى للتعرف على الثقافة المغربية ، والتي من المؤكد أن سائقي سيارات الأجرة وباقي وسائل النقل وكل المغاربة سيكونون جميعهم في الموعد مع هذا الحدث العالمي الذي أتمنى أن يكون بوابة لتغيير الطباع السيئة والعادات القبيحة ، لتواكب الأوراش الحضرية المنجزة التي بدأت تأثيرها يظهر على الكثير من الميادين .