في قلب مدينة فاس، وبالقرب من شارع
الحسيمة الحيوي، الذي يعج بمحلات المأكولات الشعبية والأسواق المتنوعة، تقع باحة
صغيرة كانت تُعرف سابقا كمتنفس بسيط للمسافرين والزوار، خاصة أنها تجاور محطة
سيارات الأجرة المتوجهة إلى أحواز فاس ومحطة "ستيام"، هذه الباحة التي
كانت ملاذا للاستراحة في خضم الزخم اليومي للمدينة، أصبحت اليوم صورة محزنة
للإهمال والفوضى.
تشوهت معالم الباحة بفعل أكوام
النفايات التي أصبحت جزءً يوميا من المشهد، الروائح الكريهة تنتشر في المكان،
وتزيد من نفور الزوار والسكان، بينما تتحول الحديقة تدريجيا إلى ملاذ للأطفال في
وضعية الشارع، الذين يعيشون في ظروف قاسية، هؤلاء الأطفال، الذين فقدوا الحماية
والرعاية، يقضون وقتهم في هذا المكان، حيث تنتشر ظاهرة الإدمان على مواد خطيرة،
مثل السيليسيون والمخدرات الرخيصة، ما يفاقم أوضاعهم الصحية والنفسية.
الأمر لا يقتصر فقط على الضرر البيئي
والاجتماعي؛ فالوجود اليومي لهذه الظواهر السلبية في مكان حيوي يعج بالمطاعم
والمحلات الشعبية، يثير تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على النشاط الاقتصادي وعلى صورة
المدينة بشكل عام.
وفي ظل غياب تدخل جاد من السلطات
المحلية، يتفاقم الوضع يوما بعد يوم، مما يحرم المسافرين والزوار من مساحة آمنة
للاستراحة وسط هذا القلب النابض بالحياة.
الوضع الحالي يستدعي تدخلا عاجلا من
مختلف الجهات المعنية، سواء لتنظيف الباحة وإعادة تأهيلها، أو لتوفير حلول مستدامة
للأطفال والمهمشين، الذين يتخذون منها مأوى، تحويل هذا المكان إلى مساحة نظيفة
وآمنة يمكن أن يُعيد جزءً من رونق المنطقة، ويُحسن تجربة زوارها وسكانها على حد
سواء.