adsense

2024/08/26 - 12:45 م


 بقلم الأستاذ حميد طولست

عجيب إصرار المستعربين على إلحاق أمازيغ شمال إفريقيا، بالعرب من دون مزيج أعراق وثقافات مجتمعات مختلف الشعوب التي  شهد الشمال الإفريقي هجراتهم ، بما في ذلك الفينيقيين والرومان والعرب  ؟ وغريب كذلك إلحاحهم على تعريب لسان المغاربة في التعليم والتعلم، من دون اللغات التي تحدثت بها الرض الماويغية قبلهم والتي تفوقوا فيها على المشارقة والمغاربة في القراءة و الفهم اللغوي لنصوصها ، في العلوم ،في الطب في التكنولوجيا في نسبة الذكاء؟...

وغريب وعجيب كذلك استهزاءهم بأصول الأمازيغ والتشكيك في نقاء عرقهم الامازيغي ، ووصمهم بالتلف وقلة الأصل واللقطة، في مقابل افتخارهم -في قمة من الانبطاح والمذلة -بالانتساب للعرب ، ونسب كل ما هو مغربي لأسيادهم العرب في قطر والسعودية ؟ مستدلين  على صحة فعلهم ذلك، بشجرة الأنساب التي يدعون إظهارها لعراقة الأصل العربي وصفاء أنسابهم وتميز نسلهم ؛الرصاصة الفارغة التي ابتكروها للإساءة للأمازيغ وأمازيغيتهم ، والتي فضح موروثهم الملفق عوارها ،وكشف تاريخهم المزور عهرها ، وأبرز ضعف دليلهم تلفيقها وهجانتها ،ما حول ادعائهم  إلى قنبلة "عاشورة"انفجرت في نحور المبهرين بالعرب، والمتيمين في عشقهم للعروبة ، الذين لم يكونوا يعلمون أن العرب كانوا  يخلطون أنسابهم  بأيدي كبراء مشايخهم ، بما كانوا يشرعنونه من  "نكاح الرهط " الممارسة التي يتزوج فيه 10 رجال من امرأة واحدة ، يمارسون جميعهم عليها الجنس ، وعندما تحمل وتضع مولودها ترسل إليهم كلهم ، وتقوم هي أو ولي أمرها بنسب الطفل إلى أحدهم بناءً على اختيارها ، النسب الذي لا يمكن لأي منهم الاعتراض عليه  كعرف وتقليد  مقدس ، رغم أنه من أبشع صور اختلاط الأنساب الغير متوافقة مع القيم الحديثة والأخلاقية في معظم المجتمعات المتحضرة المعاصرة ، والتي تهدد التركيبة الأسرية المستقرة ، والنظام الاجتماعي والعدالة الأخلاقية، والتعاليم الدينية التي تُعنى بالنسب ، بما تتضمنه من التأثيرات الخطيرة على الفرد والمجتمع من الناحيتين الاجتماعية والأخلاقية والدينية.

إتقوا الله في أنفسكم ، وتدبروا المثل القائل : "إن كان لك بيت من زجاج، فلا ترجم بيت جارك الأمازيغي بحجارة الأحكام المسبقة ،والصورة النمطية ، والمقارنات المتحاملة المتحيزة ، التي تعكس الجهل بثقافة الأمازيغ ، وعدم فهم تاريخهم وعراقة جذورهم المتعمقة في شمال إفريقيا، و قلة استيعاب غنى لغتهم ذات التأثير الكبير والدور البارز في تحقيق سبق الشعوب المغاربية - المغرب والجزائر، تونس، وليبيا.- للعديد من الحضارات..

وليسمح لي كل مستعرب مستعر من الانتساب إلي أصله الأمازيغي رغم أن "لحم كتافو من خيره" ،كما يقول المصريون-، أن انصحه بالاحتراس من مغبة تبني مثل هذه التعميمات السلبية ،التي تصف الأمازيغ بشتى النعوت القدحية وأولها عبارة "شلح"،  بدل التعامل باحترام مع خصوصياتهم العرقية والتاريخة ،وبتقدير لاختلافهم الهوياتي ، وكل ما يمكن أن يساعد في تصحيح الأفكار الخاطئة ،ويسهم في بناء مجتمعات أكثر تسامحاً وتفهماً ومشاركة في الحوار البناء بين مختلف الأمم ..

وليسمح لي كذلك كل متسول للهوية،  أن أحذره من المقارنة الخاطئة ، بين العرب وبين الأمازيغ الأحرار، الذين تصفهم بالتلف وقلة الأصل ، الفعل المشين ، والسلوك الحساس ، والموضوع الشائك والمعقد ، الذي  فضح عقدك النفسية ، واكشف دوافعك اللاإنسانية ، التي منها على سبيل المثال لا الحصر ،  إحساسك بالنقص أمام ما عرفه الأمازيغ ،في العقود الأخيرة ، من تسيد للمشهد الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي للبلاد طولا وعرضا، وشعورك بالغيرة من الاعتراف جلالة الملكي محمد السادس بالأمازيغية واعتماد دستور المملكة  لها لغة رسمية ، وإقرار جلالته  رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية ، ووضع البنك المركزي المغربي للحرف الأمازيغي "تيفيناغ" على قطعة نقدية تذكارية فضية ، إلى جانب إحساسك بالحسد من إقدام شركة غوغل (Google) على إضافة الأمازيغية إلى قائمة اللغات المتاحة للترجمة الآلية بحرف تيفيناغ والحرف اللاتيني ، وغيرها من الانفعالات النفسية السيئة والدنيئة المدمرة  للعلاقات الإنسانية ، سواء كانت علاقات شخصية أو عملية ، والتي تفقد أصحابها ثقهم بنفوسهم وجعلهم  يركزون على منجزات الآخرين "الأمازيغ" بدلًا من العمل على تحسين علاقتك بهم، وبين الأطراف الأخرى "العرب"الموجودين في الدائرة العلائقية الموبوءة ، المتخلقة ، والتي ستؤثر لا محالة على حالة المستعربين الصحية والبدنية والعقلية..

وقي نفسك من التركيز على نقاط ضعفك ومساوئك أمام مميزات غرمائك الأمازيغ ، حتى لا تفقد توازنك النفسي، وتقل  فرصك في خوض في مغامرات التحسن والتقدم الشخصي ، وتضيع عليك الحصول على الفرص الاستثنائية للعيش الهنيء، و تتسرب التعاسة والعجز إلى نفسيتك ، فتصبح أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق المؤديان إلى إفساد الحياة ، فينطبق عليك ساعتها. 

المثل الدارج الذي طالما رددته النساء المغربيات أمام خيبات ابنائهن والقائل: "خلا دار حناك ، أنت والزمان خوت"..

هوامش: نكاح الرهط " هو ممارسة قديمة كانت تُعرف في بعض المجتمعات العربية قبل الإسلام، وهي تتضمن أن تتزوج امرأة من مجموعة من الرجال (عادةً عشرة)، ويُمارسون الجنس معها جميعهم. وعندما تلد، يُرسل المولود إلى هؤلاء الرجال، وتقوم الأم أو ولي الأمر بنسب الطفل إلى أحدهم بناءً على اختيارها. وبصفة عامة، يُعتبر "نكاح الرهط" ممارسة غير مقبولة في السياق الحديث، نظرًا لتعارضها مع القيم الأخلاقية والقانونية، ولما قد تسببه من مشاكل صحية واجتماعية.