adsense

2024/08/02 - 7:05 م


 بقلم عبدالحي الرايس

أصلُ حياة ورواء، ومصدرُ خصب ونماء، ينهمر الماء عذباً نمِيراً فترتوي الكائنات ويطيب العيش، تزدهر الحضارة ويعم الرخاء، وكم تناقلَ الرواة مقولات من قبيل: بلاد الرافدين، وحضارة ما بين النهرين، ومصر هبة النيل، وكم من مدينة كان السرَّ في اختيار موقعها نهرٌ يمرُّ بربُوعها.

وللماء تجليات في رذاذ خفيف، وسحاب كثيف، ومطر منهمر، وسيل جارف، وفي بحيرات وديعة هادئة، وآبار قريبة دانية، وسدود عامرة واقية، وشلالات منهمرة دافقة، وأنهار جارية هادرة، وبحار بالأمواج صاخبة، ومحيطات ثلجية جامدة، وأخرى بالحيتان عامرة.

فإذا غاض الماء وغاب، تيبَّس العود، وذوت الكائنات، واستخلص الناس أن "الماء أهْوَنُ موجود وأعزُّ مفقود"، وصح قول الرسول الأكرم: "لا تُسْرف في الماء، ولو كنتَ على نهر جار"

والكوكب الأزرق رغم ما به من ثروات، تكاثر سكانه، واستنزفوا خيراته، وأساءوا التعامل مع مصادر الحياة فيه، فاجتثوا غاباته، ولوثوا تربته ومياهه وأجواءه، وجَنَوْا من ذلك جفافا، ونُدرة مياه، وشُحّاً في الأمطار.

وأفاق الجميع على ضرورة رفع درجة الوعي بأهمية الترشيد والحفاظ على المياه في مصادرها المختلفة من الهدر والتلويث، وتنبهوا إلى ضرورة إعمال العقل وتوظيف التقنية والعلم في التعامل مع ثروةٍ لا تقدر قيمتها بثمن.

أدركوا أهمية السدود في التجميع والوقاية وفي التوزيع وتوليد الطاقة فعدَّدُوها، ووعَوْا دَوْرَ الترشيد فآثروا الرَّيَّ بالتنقيط، وتنبهوا إلى الأنهار تستقبل مياه الثلوج والأمطار، فتحملها لِتَصُبَّها في البحار، فأحدثوا مساراتِ وَصْلِها ببعضها واستفادوا من ذلك الكثير، ومع طغيان التناقص وتزايد الندرة عمدوا إلى إحداث محطاتٍ لتحلية مياه البحر وأخرى لمعالجة المياه العادمة، وانتهى الأمر ببعض التجارب إلى تكثيف الضباب والحصول منه على المياه، وعطاءاتُ العلم والابتكار مطلوبةٌ متواصلة.

جهود حثيثة مُكثفة ومُضنية، ينبغي أن يَعْضُدَها وعيٌ يتنامى ويتناقله الصغار عن الكبار بأن الماء نعمة لا تقدر قيمتها بثمن، وبأن الحفاظ عليه من الهَدْر والتلويث مسؤولية كل فرد، فهي فرضُ عين وليست فرضَ كفاية، والشعار الذي ينبغي أن يردده ويلتزم به الجميع: «علي أن أبدأ بنفسي ولا أنتظر".